عامر القيسيلست متشائما، وفي أوقات كثيرة لامني الكثير من الأصدقاء والزملاء بالقول إنني "رحت زايد" في تفاؤلي الثوري واعتقادي، الذي أقر به اليوم، ساذجا إلى درجة الغباء، من أن القطار العراقي سينطلق مثل التنين الصيني أو العملاق الياباني أو المعجزة البرازيلية أو المارشال الألماني أو حتى النموذج الإماراتي وغيرها من "الخرافات"
التي كنت أتوقع أننا سائرون باتجاهها وعلى خطاها وسنحقق بعض انجازاتها على الأقل! في شدّة الأزمات 2005- 2007، التي يسميها بعض المسؤولين مشاكل، كنت متفائلا بل مفرطا في تفاؤلي، وكانت بعض منظمات المجتمع المدني الدولية تحصي أعداد القتلى المغدورين مجهولي الهوية في الشارع فيرتفع العدد لديها إلى أكثر من 100 مواطن عراقي! ورغم ذلك كنت أتكئ على مقولات من طراز "المرحلة الانتقالية" و"الحتمية التأريخية" و"الصراع بين الجديد والقديم" وغيرها التي حاولت بغباء تفسير الواقع بها!! في الوقت الذي كان المجتمع والسياسة والتأريخ والجغرافيا يتحدثون بلغة أخرى تماما.. لغة لها مرجعياتها الخاصة ودلالاتها وأهدافها بطبيعة الحال القريبة منها والبعيدة.كان وهما كبيرا... إن الذين ذاقوا عذابات وويلات نظام صدام الدموي سوف يشمرون عن سواعدهم كما يقال، ويباشرون بتحقيق الحلم الذي طالما تحدثوا عنه وكتبوا عنه الكثير الكثير، لكن صدمة ما جرى فيما بعد أبعدت الحلم الى مستويات التمنيات المستحيلة، فقد غرق الجميع في البحث عن الامتيازات والكراسي وليس البحث عن الطرق الكفيلة بإنقاذ العراق من مخلفات المرحلة الصدامية على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. ورغم الفرص التي أعطيت للجميع من قبل المواطنين للسير في الطريق الصحيحة والسليمة لبناء العراق وفق الشعارات التي كانت ترفعها تلك القوى عندما كانت في صفوف المعارضة!والآن ونحن في السنة التاسعة للتغيير من حقنا أن نسأل: ماذا جرى؟ ليس من السهولة الضحك على الجميع والتلويح لهم بهامش المتغيرات التي جاءت تحت الرعاية الامريكية، لان الوقائع التي تلت أكدت أن هذا الهامش خارج برامج القوى المتنفذة اليوم والوقائع كثيرة بما لا يقاس، وأكدت أن الشعارات التي كانت مرفوعة في زمن المعارضة هي شعارات مخادعة الغرض منها كسب تعاطف الناس، خصوصا في ما يتعلق بالحرية والحقوق العامة التي كان المواطنون يفتقدونها ويحلمون بها، ثم الوثوب الى السلطة والتشبث بالكراسي الى يوم يبعثون! غير آبهين حتى بالمتغيرات الاقليمية التي تجري تحت سمع وبصر الجميع.. غير مستوعبين لدرس السلطة الصدامية.. وغير مدركين أن اللحظة التي تعتقد فيها انك ظل الله في الأرض هي اللحظة نفسها التي يبدأ فيها العد العكسي لوجودك وسطوتك!مع الاعتذار للمتفائلين الجدد!
كتابة على الحيطان: لا تنتظروا أكثر رجاءً!
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:19 م