عدنان حسينهل تعرفون صاحب هذا الاسم؟ هل سمعتم به من قبل؟ أنا أيضاً لم أكن أعرف السيد سوسومو ها سيغاوا قبل عصر أول من أمس. لكن بالتأكيد هو معروف لدى المسؤولين ومعظم الموظفين في وزارة الخارجية وديوان الرئاسة وديوان رئيس الحكومة وبعض مسؤولي الوزارات التي لها صلات بمؤسسات وشركات يابانية.
السيد سوسومو ها سيغاوا هو سفير اليابان لدى العراق الذي قدّم صورة مغيرة تماماً للصورة النمطية التي لدينا عن السفير، بوصفه شخصاً جاداً حدّ اللعنة ذا ملامح صارمة حدّ الكراهية، مغروراً ومتكبراً بصلافة.هذه الصورة النمطية للسفير ما كان لها أن تكون لو أن التعيين في منصب السفير في دولتنا استند إلى القواعد المهنية الخاصة بالسلك الدبلوماسي. وهي قواعد معروفة عالمياً مثل قواعد مهنة الطب أو الهندسة، فما من دولة في العالم تجعل من الطبيب مهندساً أو المهندس طبيباً أو الأديب عالماً في مركز للأبحاث النووية.إذا أمكن استثناء بعض الدول من هذه القاعدة فهي الدول المتخلفة الفاشلة التي تقف دولتنا على رأس قائمتها. فالمئات من المسؤولين في دولتنا لا علاقة لهم البتة بما يشغلون من مناصب ووظائف، وبين هؤلاء العشرات من السفراء والمئات من موظفي السلك الدبلوماسي الذين تولوا مناصبهم استناداً إلى "قواعد" المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية أو بطلبات وأوامر وتوصيات من زعماء الكتل السياسية المتنفذة في الدولة أو وزراء أو نواب وغيرهم من كبار المسؤولين الذين ما انفكوا يعملون بحماسة لتعيين أبنائهم وبناتهم وإخوتهم وأزواج بناتهم وزوجات أبنائهم في السلك الدبلوماسي.نتيجة لهذه "القواعد" المستقرة في دولتنا صار لدينا سلك دبلوماسي لا يسرّ حتى العدو في بعض مفاصله، فثمة سفراء وقناصل وملحقون لا يهتمون بواجبهم الدبلوماسي مثلما يهتمون بارتياد علب الليل في العواصم التي يشتغلون فيها وملاحقة العاهرات،( لدي وقائع وأمثلة عدة على هذا).متأسف لأنني انصرفت كل هذا الوقت عن السفير سوسومو ها سيغاوا الذي تعرفت إليه عصر أول من أمس في المجلس الثقافي للصديقة القديمة عضو مجلس النواب السيدة صفية السهيل. هذا الرجل قدّم بحضور ما يزيد عن خمسين من الإعلاميين والسياسيين والدبلوماسيين مثالاً يليق باليابان، الدولة الأعجوبة، الأنموذج في تحضرها وتقدمها ونجاحها.بالتأكيد لم يتعيّن السيد سيغاوا في منصبه الحالي لأنه من الشنتو أو البوذية (الديانتين الرئيستين في اليابان) أو سواهما من الديانات. وبالتأكيد لم يتعيّن لأنه زوج لابنة نائب أو وزير أو زعيم كتلة أو أخ له أو قريب أو من عشيرته. لا بد ان مؤهلاته العلمية وكفاءته وخبرته ووطنيته هي التي جعلت وزير الخارجية ورئيس الوزراء يرشحانه لمنصبه.ولأنه كذلك بدا السفير سيغاوا مثل عاشق مستغرق في ممارسة طقس الحب وهو يقدّم بنفسه الطريقة التقليدية لإعداد الشاي وشربه في اليابان. لم يعهد بالمهمة إلى أحد من موظفي سفارة بلاده وعمالها، كما يفعل سفراؤنا .. أمضى أكثر من نصف ساعة في عملية الإعداد المُكلّفة وقتاً وجهداً، ولا بد انه شارك قبل ذلك في التحضير للأمسية الخاصة بهذه الفعالية التي استضافها مجلس صفية السهيل الثقافي، فضلاً عن الكلمة التي ألقاها للتعريف بجانب من الثقافة التقليدية لشعب بلاده.طوال الوقت كنت أتمنى لو أن حضور الأمسية الجميلة هم كل سفرائنا ودبلوماسيينا ليتعلموا كيف يجب أن يكون السفير والدبلوماسي.
شناشيل: سوسومو ها سيغاوا
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:23 م