هاشم العقابيأغلب المتحدثين من دولة القانون يجابهون من ينتقد فشل أداء الحكومة في توفير أبسط احتياجات المواطن بحجة أن السيد المالكي يريد أن يعمل لكن الآخرين لا يدعونه. ليس جماعة دولة القانون وحدهم، بل يشاركهم القول أعضاء في التحالف الوطني وغيره، وكذلك بعض المواطنين الذين يردون بتعليقاتهم على ما نكتب.
إنها "فيكة" أخرى من "فيكات" الضحك على عقلية العراقيين، وللأسف. هؤلاء يريدون القول بان على الجميع أن يسكتوا، بضمنهم نحن الكتاب، وكأن المالكي يحاول كتابة مقالة أو قصيدة وما على الآخرين إلا الصمت حتى لا يقطعوا سلسلة أفكاره.كل البلدان التي عاشت الديمقراطية بشكل مثمر وحقيقي نجد بها صوت المعارضة يعلو على صوت الحكومة. وكلما زادت المعارضة قوة وحضورا يصبح أداء الحكومة أفضل. فهل هؤلاء يريدون أن يسكتوا صوت المعارضة السياسية والإعلامية، وإلا فان المالكي لم ولن يحل مشكلة الكهرباء والبطالة وفقدان الأمن وانتشار الفساد! لقد أُسكتت الأصوات وكممت الأفواه لحد قطع النفس بزمن صدام، فماذا كانت النتيجة؟الأغرب من الغريب، هو أن هؤلاء يضعون اللائمة على المعترضين عندما يعلو النقد بخصوص الملف الأمني. فهل هناك من يشارك المالكي إدارة هذا الملف من أي جهة أو كتلة سياسية أخرى؟ إن المعادلة معكوسة تماما. فالمالكي هو الذي احتكر هذا الملف لنفسه ولمقربيه وأفراد عائلته وحزبه، حتى صار يلعب به وحده لا شريك له. انه هو الذي لم يمنح الآخرين فرصة للعمل ورجح كفة الولاء له ولحزبه على كفة الكفاءة.أتمنى على السيد المالكي أن يعود للتاريخ ويتوقف عند تجربة عبد الكريم قاسم. نعم لا أختلف مع من يقول إنها تجربة لا تخلو من أخطاء، لكنها في مجال توفير الخدمات وإنعاش حياة العراق والعراقيين تعد من أفضل التجارب التي مرت بتاريخ العراق. ولو قلنا عن عبد الكريم، وليس المالكي، إن هناك جهات كثيرة كانت لا تريد له أن يعمل، لصح القول. فعلى الصعيد الداخلي حاربته مرجعيات دينية وعصابات منظمة تقودها أحزاب كثيرة في مقدمتها حزب البعث الذي أكثر من التفجيرات والاغتيالات التي وصلت إلى حد محاولة اغتياله شخصيا. أما على الصعيد الخارجي فلم يحدث أن حارب العرب زعيما عربيا مثلما حاربوه. حتى أن مصر، باعتبارها اكبر دولة عربية، قادت الحملات العدوانية ضده وبقيادة مباشرة من جمال عبد الناصر. لقد وصلت دسائس العرب إلى تهريب أسلحة لداخل العراق للقيام بانقلابات دموية ضده. وقصص رشاشات "بور سعيد" التي دخلت العراق لا يمكن نكرانها.لقد قدم الزعيم خلال فترة حكمه، التي لم تصل إلى خمس سنوات، ما لم تقدم مثله حكومتنا الحالية، ولو بنسبة واحد بالمئة، خلال ست سنوات. إن سر نجاح عبد الكريم في إسعاد العراق والعراقيين هو لأنه لم يتذرع بفيكة "محد يخليه يشتغل" ولأنه، أيضا، وضع الرجل المناسب في المحل المناسب وفتح الطريق لكل كفوء كي يخدم بلده. قد يقول قائل إن الظرف قد اختلف. والجواب هو انه مهما كان الظرف، فلا بد لمن يريد أن يعمر بلدا ويحميه من الخراب أن يطبق مبدأ الكفاءة قبل الولاء، وليس شعار: "لا أخليك ولا أخلي رحمة الله تجيك".
سلاما ياعراق : ما يخلّوه يشتغل!
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:41 م