علاء حسن خلال الأسبوع الماضي شغل الحديث عن الإصلاح الأوساط السياسية كافة من دون استثناء، وكل جهة أبدت وجهة نظرها بالعملية الإصلاحية ورؤيتها لتطبيقه وتنفيذه، والحديث كشف عن وجود خلل في العملية السياسية باعتراف دعاة الإصلاح، وخصوصا في التحالف الوطني الذي يقود الحكومة، وأول فقرة في الإصلاح اشترطها التيار الصدري عندما رفض تجديد ولاية رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي لدورة ثالثة.
السياسيون بارك الله بجهودهم اعترفوا أخيرا بوجود الخلل، فلجؤوا إلى الإصلاح لغرض ترميم الخراب العراقي، الممتدّ إلى عشرات السنين، والاعتراف وحده ليس كافيا لجعل "الخرابة" حديقة واسعة، أو عمارة سكنية أو ساحة لوقوف السيارات، أو مقر تنظيم سياسي، حقق مشروع الإصلاح وجعل الفرقاء يقتنعون بآليات تطبيقه.حتى الآن عقدت لجنة التحالف الوطني الإصلاحية سلسلة اجتماعات، ومن المتوقع او ربما المؤكد مواصلة اللقاءات، لحين التوصل إلى اتفاق نهائي حول الآليات، ثم الاتصال بالاطراف الاخرى المشاركة في الحكومة لعقد اجتماع مشترك سيكون حاسما للشروع بأول خطوة بإجراء الإصلاح بمعنى التوجه نحو اقرب "خرابة" في الساحة السياسية، وترميمها ثم تزفّ البشارة لأبناء الشعب العراقي ليستعدوا للاحتفال بتجاوز الأزمة، وبدء المشروع الوطني لترميم "الخراب السياسي" لغرض توطيد وترسيخ التجربة الديمقراطية الفتية.بعد ترميم الخراب، وتوحيد المواقف سيكون العراقيون على موعد بتحقيق انجازات حكومية تاريخية تبدأ بمنحهم نصف كيلو عدس ضمن مفردات البطاقة التموينية، خلال شهر رمضان، وتعديل رواتب الموظفين، وتوفير فرص عمل للعاطلين، وإلزام عناصر الأجهزة الأمنية باحترام المواطنين ومعاملتهم بلطف، وصدور توجيهات لجميع الدوائر الحكومية بالابتعاد عن الروتين، وانجاز معاملات المراجعين خلال ساعة واحدة بغض النظر عن صعوباتها، وجلب كتب صحة الصدور، والمنجز التاريخي الأكبر هو تحويل الخرابة إلى حديقة.مفردة الحديقة هذه الأيام أخذت معنى آخر، يستخدمه "المفاليس" والفاشلون في إقامة علاقات عاطفية مع "الحاتات" والحديقة في مفهوم سائق التاكسي تؤكد أنه أمضى ساعات النهار من دون ان يحصل على "كروة بيها خير" بسبب الزحامات وانتشار السيطرات، وتعرض الطرق لقطع متكرر لتأمين مرور مواكب المسؤولين.الحديقة بالمعنى العراقي الجديد هي "خرابة" من نوع آخر تحتاج إلى سقف زمني طويل وبرامج إصلاحية جذرية، يتفق عليها القادة ورؤساء الكتل النيابية، وزعماء الأحزاب المتنفذة لكي تأخذ طريقها للتطبيق، وهذا المسار بالمفهوم العراقي الحالي، وفي ضوء تجربة تسع سنوات سابقة، دخل في نفق مظلم، والخروج منه اصبح معجزة، فعملية الشد والجذب، والسجال القائم بين القوى السياسية وخاصة المشاركة في الحكومة لم تتوصل بعد إلى تشخيص الخلل، والأمر لا يحتاج إلى عناء وبإمكان اي سياسي، ان يرى من خلال زجاج نافذة سيارته المدرعة اقرب خرابة، ويقرر أن يجعلها حديقة بحسب مفهوم امانة بغداد، وليس بالمعنى العراقي الشائع لدى سواق التاكسي، والفاشلين في إقامة علاقة عاطفية مع "الحاتة".
نص ردن: خرابة وحديقة
نشر في: 8 يوليو, 2012: 06:59 م