اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > القصيدة تنبثق من أكثر أعماق العقل سرية

القصيدة تنبثق من أكثر أعماق العقل سرية

نشر في: 8 يوليو, 2012: 07:15 م

عواد ناصر/ لندنتؤكد تجربة الشاعر الجامايكي جيمس بيري ثلاثة عناصر في تجربته الشعرية: الأول، هو ما يتصل بازدواجية الهوية والعاطفة، مثل الكثيرين من عاشوا تجربة الهجرة والابتعاد عن مسقط الرأس، خصوصاً ماضي الشاعر المثقل بالمرارة جراء العنف والتمييز العنصري، كونه شاعراً أسود.
أما الثاني، فهي أن بيري، مثل الكثيرين أيضاً، من شعراء العالم، الذين محضوا الطفولة اهتماماً خاصاً فكرس لها أغلب أعماله الشعرية، بخلاف شعرائنا العراقيين والعرب، الذين يستنكفون من الكتابة للأطفال لانشغالهم في "القضايا الوطنية والقومية الكبرى".العنصر الثالث هو: تركيز الشاعر على الإنصات لأصوات وإيقاعات اللغة المحلية لأنها "طقس لغوي" عاش الشاعر في كنفه منذ طفولته كما يقول عند الحديث عن تجربته الشعرية.ما يدعوه بيري"الإنصات إلى أصوات اللغة وإيقاعاتها" هو إشارة واضحة إلى التفريق بين "اللغة المحكية" أو "اللهجة الشعبية" وما صار عندنا، في العراق مثلاً، استغراق الشعراء في "شعبوية محكية" لا تستجيب إلى مستجدات الحياة شعرياً والاقتراب من مكابدات الإنسان في عصر معقد يتطلب شكلاً من "التحديث" التعبيري، لكي تقترب ما نسميها بـ "القصيدة الشعبية" من السوية الشعرية لتصبح "شعراً" وهذا هو الفرق بين الإنصات إلى إيقاعات اللغة المحلية والإغراق في الحوشي والمندرس وغير المفهوم، وهو ما اشتغل عليه مظفر النواب في قصيدته الشعبية، وطرح إحدى أفضل تجارب شعرنا المحلي في (الريل وحمد).جيمس بيري (مواليد 1924) في قرية جامايكية صغيرة محاطة بأشجار الفواكه، وقصائده مفعمة براهنية العالم الذي يعيشه، وله قصيدة بعنوان (عش مليئا بالنجوم) وتحتفل قصائده بما يسميه بـ "موسيقى كل يوم" في حياة القرية، أصوات الطيور وتقلبات الطقس حيث عواصف الريح والمطر، وضحك العائلة والأصدقاء، وفوق هذا كله تلك الأغاني والحكايات التي سمعها خلال حياته، وهذا جانب مهم في التقاليد الموسيقية التي تدخل عنصراً مهماً في الثقافة الجامايكية،  ولهذا ليس بالأمر المفاجئ أن تحتل أصوات الكلمات موقعاً مركزياً في تجربته الشعرية.المشكلة العنصرية احتلت، أيضاً، الكثير من لغته الشعرية والتي عانى منها كثيراً، خصوصاً عندما عاش في الولايات المتحدة وبريطانيا لسنوات عديدة، حيث عبر عن هذا بقوله: "يحق للمرء أن ينشأ ويتطور في أي مجتمع بغض النظر عن لونه". كما جاء في إحدى قصائده. طرح بيري على نفسه أسئلة الهوية المزدوجة، عدا معاناته جراء التفاعل بين ثقافتين: ثقافة (الويست إنديس) وثقافة الغرب (أمريكا وبريطانيا) لكنه حقق، رغم ذلك حضوراً شعرياً ونشر مجموعات شعرية عديدة وفاز بجوائز مرموقة، بعد سنوات من القهر العنصري وسوء المعاملة التي تعرض لها والده من قبل أصحاب العمل البيض. وكان للعاطفة الثنائية، كمهاجر ومقيم، أثرها في نصوصه الإبداعية، مثل كثيرين غيره عاشوا تجربة الهجرة والانتقال من مسقط الرأس إلى عالم جديد وغريب.في كتبه الشعرية وقصصه للأطفال يركز بيري، في كليهما، على ما يدعوه بـ"بهجة العيش" وكما جاء في إحدى قصائده: "عندما أرقص أحتفل بالإيقاعات كلها".حول بداياته يقول بيري: بدأت في قريتي الجامايكية. ولنشأتي في عائلة مسيحية تقليدية، أثارتني قصص الكتاب المقدس التي دفعتني للتفكير وطرح الأسئلة، بشأن الكون: الشمس والقمر والنجوم والماء وغير هذا. أي ما مثلته لي من ألغاز غامضة، إلى جانب تلك الحكايات الفولكلورية التي يتبادلها الجامايكيون، في بيوتهم ليلاً، وكل ذلك ساعدني في أن أكون شاعراً.أما عن سر سعادته كونه شاعراً فيجيب: القصائد تنبثق من أكثر أعماق عقلك سرية. القصيدة تحاول أن تطرح عليك أكثر الأسئلة عمقاً. وأكثر أهمية من تلك التي ترويها لك قصة حياتك.أما عن الوقت الذي تستغرقه القصيدة فيقول: "أوه، إنها تستغرق طويلاً. يمكن أن تظل القصيدة معلقة لأسابيع، أو أشهر، وقد تضعها جانباً عندما تدرك أنها لم تكن بالشكل الذي أردته، وليست كما توقعت أن تكون عليه، لكنك، فجأة، تكتشف، ذات يوم، أنها على غاية الروعة". ويوضح "مكان" كتابة قصيدته بقوله: ثمة مكان في بيتي حيث أجلس، حيث الفكرة التي تراودني، ثم أبدأ بتدوين ملاحظات، بينما أتطلع إلى موضوعة القصيدة، وبعدها أحاول الاقتراب من جوهرها، حيث أطرح السؤال على ما أريد قوله لأحظى بجواب. كنت ربيت نفسي على استخدام الآلة الكاتبة وأستطيع التفكير، بسهولة، أثناء الكتابة بعد أن أكون دونت بعض الملاحظات في الدفتر".أما عن تفضيله استخدام أصوات مفردات غير عادية في قصائده، فيضيف: أنها المفردات التي شكلتني منذ طفولتي، وهي (اللغة) التي تحيط بي أينما يممت. هذه (اللغة) تعبر عن تجربتي الشخصية، بما تحمله من خصوصية، وفردية، وعبرها أستطيع التعبير عن نفسي، وعن مجتمعي ومحيطي. وهي قريبة جداً من اللغة الإنكليزية واللغة الكاريبية، بل هي مزيج من الأفريقية الغربية والإنكليزية النموذجية.من أعماله:"لص في القرية" قصص للأطفال (عام 1987)."البنا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram