محمود النمر ضيّف الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، المترجمين احمد خالص الشعلان وغيداء علي محمد الفيصل، حيث قدم كل واحد منهما ورقة عن ترجمة الشعر، وقدم الجلسة الروائي حنون مجيد الذي قال : باسم اتحاد الأدباء نرحب بهما ترحيبا عاليا، واعتقد أنها مناسبة طيبة أن نضيف نحن الأدباء، هذين المترجمين اللذين نعتز بتجربتهما اعتزازا كبيرا .
مثلما هو معروف ومعترف به، لست ولا المستمعون، حسبما أظن، بحاجة هنا إلى التطرق للنتائج الخلافية التي تثيرها الترجمة، وقد لا يحتاج المرء هنا أيضاً لقول المزيد عن اللاتطابق بين النص الأصل والنص الهدف .بهذا الاستهلال بدأ المترجم احمد خالص الشعلان قراءة ورقته الموسومة "ترجمة الشعر في التطبيق"، وتابع : ولهذا السبب قد يجد مسوغا مناسبا لما نسمعه من البعض القائلين: "إن ترجمة الشعر هي أم المشاكل الترجمية"، وتعبير "أم المشاكل" قد يشير هنا قطعا، أو يعني، إلى أن عملية ترجمة الشعر مليئة بالمطبات! ويحصل هذا ربما لأن الشعر من بين جميع الألوان الشعرية، هو الذي يتمتع بأشد الأساسيات من ثقافة إلى أخرى، ومن لغة إلى أخرى ، فالرواية مثلا نجدها ، سواء في عموميات فن الرواية أو خصوصياته ، لا تختلف من لغة إلى أخرى أو من ثقافة إلى أخرى ، الاّ اختلافا طفيفا، وقد يصح قولنا هذا على المسرحية أيضا إلى حد كبير ، ويصح دون ريب على القصة ، غير أن الشعر هو وحده الذي قد يلتقي في مختلف اللغات والثقافات عند عموميات من قبل يجب أن يكون منظوما وموزونا ومقفى، ولكنه يختلف اختلافا صارخا، يكاد يكون مطلقا في خصوصيات هذه المفاهيم العامة. وأضاف الشعلان عن فن الترجمة: فنحن نسمع العروضيين العرب يتحدثون عن المتقارب والمتدارك والوافر والكامل والهزج والرمل والسريع والخفيف والمضارع والمقتضب والمجتث والطويل والمديد والبسيط ، ونسمع العروضيين الانكليز يتحدثون عن البحور الانكليزية –iambic- trochaic- anapaestic- dactylic – spondaic – paeonic- - ولكن أية محاولة نجربها لإيجاد تطابق من نوع ما بين هذه العروض العربية وتلك الانكليزية ستواجه إخفاقاً أكيداً، ناهيك عما موجود هنا وغير موجود هناك، خذ مثلا مصطلحات لها دلالات موجودة في الشعر العربي من قبيل "عروض" و"ضرب" و"سبب" و"تد" و "صدر" و "عجز" و"فاصلة" و"حشو" وغيرها كثير بكل تفصيلاتها الفرعية، نجد لها جمعيا مقابلات في الشعر الانكليزي نظريا وتطبيقيا، وما هي إن وجدت؟ الإجابة هنا مفتوحة دون ريب على مجهول لا يأتينا بخبر يقين. فيما قالت المترجمة غيداء علي محمد : إن اخطر الإشكاليات التي تدفع الى عجز الترجمة تتمثل أساسا في أنها ابعد ما تكون على التقاط مكونات او مقومات التخييل وحركة الأخيلة التي تتحرك في النص الشعري وتفيض بها الصورة أو حتى العبارة الشعرية ، فضلا عن عدم إحاطتها بالخلفيات الانفعالية او الثقافية او الموقف الفني والقيمي الذي يصدر عنه النص لأن مثل هذا الجوهر لا يوجد إطلاقا إلا في النص الذي كتبه الشاعر في لغته الأصلية، التي بها يفكر وينفعل ويبوح، هذه قد تكون نفحات تنظيرية ولكنها نابعة من قلب التجربة والأحاسيس المتصلة بها، فالعالم مثلا والموقف منه عند كل شاعر أو فنان ينبئ في أول بذراته التأسيسية من حقيقة الانفعال الذي ينتجه الالتقاط الأول سواء في الواقع واللغة والبيئة أو حتى في الأحلام ، ومن الرؤية الخاصة تأتي حقيقة الانكشاف بالرؤية العامة أو الموقف منها ، ومن المعايشة لعالمه الخاص أولاً واتصاله بالعالم من حوله أو اغترابه عنه.الورقتان كان لهما وقع على سماع الحضور الثقافي حيث أثارت الكثير من التساؤلات حول مفاهيم الترجمة.
ترجمة الشعر في اتحاد الأدباء ..تجلّيات الترجمة في النص الشعري
نشر في: 8 يوليو, 2012: 07:45 م