أحمد عبد الحسين تحدث السيّد مقتدى الصدر أمس عن "فسق وفجور" شهدتهما احتفالات نقابة الصحفيين التي أجريت بدعم ومال حكوميين بمناسبة عيد الصحافة العراقية قبل أيام. أخشى أن يفهم من كلام السيّد أن الفسق والفجور يتحددان في فنون الغناء والرقص والموسيقى، دون موارد قبيحة حقاً قام بها المحتفلون مثل: إهدار المال العامّ، تخصيص مواكب رئاسية لنقل المطربات، البذخ الكسرويّ الذي بلغ حدّ إلقاء الأموال والهدايا من الطائرات العمودية، ولهاث النقابة برئيسها ومقربيه ومتملقيه وراء فساتين سهرة لا تكاد تستر جسد من يرتدينها، ذلك هو الفسق والفجور.
الفسق والفجور يا سيدنا هو أن تباع دماء الصحفيين بثمن بخس ويُنسَون في عربدةٍ تعيد علينا ذكرى حفلات ابن الطاغية عدي، الفسق هو أن يبتذل الفنّ والموسيقى والغناء لتقدّم لنا النقابةُ ومعها الحكومة نسخة فنية رثة تشبه تماماً النسخة التي نمتلكها ـ نحن العراقيين ـ من الحكومة والنقابة معاً.استغرب السيد الصدر ـ وحقّ له ذلك ـ من بعثرة خمسة ملايين دولار على نزوات النقيب - الذي استقبله الصدر للأسف قبل أيام قلائل من الحفل المخزي - ومن ورائه نزوات كبار الحكومة، ورغم أني أعرف أن الرقم يتجاوز الملايين الخمسة بكثير جداً، إلا أن ما لم يصل إلى أسماع الصدر هو أن الحكومة كلها كانت منشغلة بهذه المهزلة التي ليس فيها من الفنّ الحقيقيّ شيء، ففي كل المهازل التي أقيمت كانت هناك لافتة واضحة تقول إن المسخرة أقيمت برعاية السيّد رئيس الوزراء، وإلا من أين أتتْ المواكب الرئاسية التي أقلّتْ "ضيوف الشرف"؟ بل من أين أتتْ الطائرة المروحية التي ألقتْ دنانير الخليفة على رعاياه؟ضربت الحكومة، ومعها تابعتها النقابة، عصافير عدة بحجر واحد، فهي أخرجتْ نزواتهم المرضية أولاً، وأعطت صورة مشوهة عن الفنّ والفنانين، وبعثرتْ ميزانية كبيرة سيستفيد منها سرّاق معروفون، وأظهرتْ بعثيين وفدائيي صدام "معروفين أيضاً" بمظهر ممثلي العراق الجديد، بعد أن مدحهم السيّد المالكي الراعي الرسميّ لحفلات "الطرب الأصيل".ليس الفنّ فسوقاً، ليس الغناء فجوراً ولا الموسيقى انحلالاً، الفسق والفجور والانحلال الذي يغضب الربّ والشعب هو هذه اللامبالاة بآلام الناس، هو هذه القسوة التي يملكها عادة رجال عرفوا الغنى متأخراً فأصيبوا بكلبية من يريد أن يهجم على الدنيا محققاً نزواته مهما كلف الأمر ولو بسحق شعبٍ يتقلّب الآن على صفيح ظهائر العراق القائظة.أمس كنا نعلم أن الفنّ أسمى من أن تمثله مطربات قبيحات الصوت كان يجلبها سماسرة عدي صدام ويلتقطون معها صوراً ويقضون معهنّ لياليَ فسق وفجور، واليوم نعرف أيضاً أن الغناء والموسيقى أسمى وأنبل من مطربات أكثر قبحاً يجلبهنّ سماسرة جدد لمتنفذين جدد.ليس الفنّ فسقاً وفجوراً. الفسق والفجور كالجبت والطاغوت أو كالنقابة والحكومة، يكمن في الهزء من العراقيين والضحك عليهم وسرقة قوتهم والقسوة المبداة من قبل أنصاف رجالٍ يحكمون الآن مرفهين وشعبهم يتعذب.هذا هو الفسق والفجور.
قرطاس :فسق وفجور
نشر في: 8 يوليو, 2012: 07:48 م