TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > قرطاس:عركة "نسوان"!

قرطاس:عركة "نسوان"!

نشر في: 9 يوليو, 2012: 06:10 م

 أحمد عبد الحسين "العراقيون أكثر شعوب العالم معاناة من المشاعر السلبيّة".  ليس هذا كلاماً منفعلاً أو تنفيساً عن غضب أو نتيجة مشاعر سلبيّة أحملها عن الوضع في العراق، فالجملة ليست لي وإنما هي محصلة دراسة أجراها معهد غالوب للمشاعر السلبيّة الذي وضعنا في المرتبة الأولى بين شعوب العالم قاطبة لجهة استعدادنا لاختبار مشاعر الغضب والألم والحزن والإجهاد النفسيّ والجسديّ.
حصد العراقيون 59 نقطة متفوقين على سائر الشعوب، بينما حلّ ثانياً الشعب الفلسطينيّ في الأراضي الواقعة تحت سلطة الاحتلال الإسرائيليّ بثلاث وأربعين نقطة.ما العوامل التي تجعلنا نتفوّق بمشاعرنا السلبيّة على شعبٍ تحتله إسرائيل؟ أجزم انّ الأمر كله يتعلق بغياب الأمل، فللعراقيين مع الأمل قصة حزينة، انتظروه طويلاً وحين أتى جاء خلّباً، انتظرنا الأمل عقوداً وحين حلّ تغيير 2003 جاء أملنا مخيّباً للأمل!انسداد الآفاق في وجوه العراقيين بضاعة يصدّرها لنا كلّ يوم ساسة بوجوه مكفهرة وقسمات كالحة وأفواه تزبد من شدّة الطمع ومن كثرة حنقهم على بعضهم، أفواه لا تشبع من حرامٍ وسحتٍ وفساد وسرقات إلى أن يأتي يوم تمتلئ فيه تراباً بأذن الله. يلاحقون كلّ ثغرة مطلّة على أملٍ وبارقة سعادة في هذا الحائط الأسود الذي اسمه حياتنا، ليغلقوه بتصريح هنا يصلح وصفة لحرب أهلية، وخطاب هناك يراد منه خلق أزمةٍ بيننا والدول الأخرى.على الأقلّ كان لدينا أمل، فيما مضى كنّا ندّخر أملنا كزهرة نخشى عليها الذبول، ذهب صدام إلى حفرته الأولى وقُبض عليه فيها ثم أعدم وأودع في حفرته الثانية إلى الأبد، فنظرنا إلى أملنا فإذا هو لاشيء، ذاب في حرارة شمس العراق ومناخه الذي هو في الحقيقة "بروفة" لجهنّم الآخرة نحياها هنا مع شياطين الإنس الذي يسمونهم ـ خطأ ـ سياسيين.بقي لدينا أمل وحيد للسعادة يتمثل بموضة تصريحات السياسيين الرائجة هذه الأيام، فأعضاء الكتل يتراشقون فيما بينهم بتهديد ووعيد بعضهم البعض، جماعة المالكيّ يقولون: إذا استجوبتم صاحبنا سنكشف ملفات فسادكم، ويأتي صوت من الضفة الأخرى: سترون ما بحوزتنا من ملفات تدينكم وتدين المالكيّ. ونحن نسمع ذلك ونضحك على أمل أن ينفذوا وعيدهم ويصنعوا لنا فرجة ممتعة، سيركاً مجانياً قد يذهب عنّا بعض المشاعر السلبية التي يعيّرنا بها معهد غالوب.سننتظر بأملنا الصغير أن يكشف الجميع ملفات الجميع لنرى من أكثر لصوصيّة من الآخر، ومن أشدّ فساداً، وأكثر إجراماً، ومن أكثر تهريجاً ومدعاة للسخرية من خصمه، حينها سنجعلهم مادة لتندّر وضحك أظنّ انه سيستمرّ طويلاً، شأننا شأن جيران يشهدون عركة نسوان تكشف كلّ منهما مقدار "شرف" الأخرى وعفتها أمام الملأ ليدرك أهل الدربونة جميعهم أنهم يجب أن يبحثوا عن امرأة عفيفة حقاً في مكان آخر سوى هذه الدربونة.إلى أن يحلّ ذلك اليوم ستظلّ مشاعرنا سلبيّة، أم ان رغبتي هذه بالتشفّي من الساسة هي أيضاً تدخل تحت طائلة المشاعر السلبية التي يرصدها معهد غالوب؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram