TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: شيطنة "المصلحة"

أحاديث شفوية: شيطنة "المصلحة"

نشر في: 9 يوليو, 2012: 06:52 م

 احمد المهنا فكرة "المصالح" في السياسة كانت مشيطنة الى آخر حد. في كل نقاش حول طرف او دولة يخرج عليك استنتاج حاسم مؤلف من تلك الكلمة السحرية: مصالح! وهنا يكون التفسير تم والإدانة اكتملت والقصة انتهت.وكنت مدافعا دائما عن "المصالح". فالمصلحة في حد ذاتها ليست شرا. اذ يجب أن تكون لدى كل شخص او جماعة أو دولة الشيء القليل أو الكثير منها. الفلوس مصلحة. هل يوجد من لا يريد شيئا منها؟ العمل، النجاح، الصحة، الأمان، النفوذ، العلم.هناك مصلحة في كل ما يساعد على التقدم والازدهار.
من لا مصلحة له لا وجود له. أو لا قيمة له. وقد يكون خطرا على نفسه او على أهله أو على السلامة العامة. ولطالما قيل في الأدب الراديكالي عن حق أن العمال عندما يثورون لا يخسرون سوى أغلالهم. فالثائر بالتعريف في هذه المقولة هو رجل عديم المصالح. انه المعدم من الصحة والمعرفة والثروة والراحة. فلماذا لا يثور ويقلب عاليها سافلها وهو على هذه الحال؟ لماذا لا يتمرد على العدم من أجل الوجود؟ان شيطنة المصلحة بالمطلق عبارة عن مثالية ساذجة في التفكير. وملخصها الحكم على أفعال البشر بمقياس البراءة من المصلحة، أو استنادا الى مثل عليا محلقة في السماء، ولم تتواضع وتنزل من عليائها وتتلطخ بطين الأرض. ومثل هذه المبادىء كمثل الملائكة التي يخلو منها عالم الشهادة خلوا تاما، ويعمر بها عالم الغيب عمرانا تاما.هلو يا جماعة ..نحن هنا. في مجاري الأرض الخالية من النقاوة والمليئة بالفساد. وان أطهر من عليها لابد من أن يتلوث فيها وهو يحاول تنظيفها. فما بالك بغيره ممن لم يعمل بحكمة النظافة من الايمان، بل وربما جعل من الايمان نفسه جهلا يترزق به، ومصلحة يعتاش عليها، بدل أن يكون مبدأ مرشدا وقيمة موجهة للسلوك الطيب والأخلاق الفاضلة.المصلحة ضرورة اذن. والمصلحة خير اذن. ولكنها ليست كذلك اذا تعارضت تعارضا تاما مع مصالح بشر آخرين، وألحقت بها أضرارا واضحة أو بالغة. فهي هنا شر، وشر كامل. وبعض الأفكار السياسية من هذا النوع. مثلا الفكرة التي تقول أن قوميتي اسمى من القوميات الأخرى. عن هذه الفكرة تنشأ مصالح كلها شر. هنا يلزمك الايمان بأن المصلحة تقوم على اعلاء قيمة أبناء قوميتك وخفض قيمة ابناء القوميات الأخرى. الأمر الذي يقصر شرعية المصلحة على الذات وينفيها عن الآخر. فقوميتي أحق بالمجد من غيرها. وكل عمل ضد قومية أخرى يمكن أن يصبح حقا اذا اعتقدت انه يخدم مصلحة قوميتي بما في ذلك الحرب.ان هذه الفكرة لاأخلاقية من الأساس، ولذلك تنشأ عنها مصالح لاأخلاقية وشريرة أيضا من الأساس. وكل تعارض على هذه الدرجة من الإطلاق بين المصالح الانسانية هو تعارض شرير ولاأخلاقي. ومن هذا النوع ما نراه اليوم من مصالح للحكومات الروسية والصينية والايرانية قائمة على مصلحة الحكومة السورية في البقاء. إن المبدأ المحرك لهذا النوع من المصالح كله شر. وترجمته على الأرض هي كل هذا العذاب والهوان الذي يعاني منه شعب سوريا العزيز. مثل هذه المصالح هي ما يجب أن نخجل وأن نتحرر منه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram