المدى الثقافي إذا كان لابد من التحدث عن البدايات ،فأنا كأي قارئ شغوف ومولع بالأدب منذ بواكير حياتي ،وقد تكون بداياتي منذ أن كنت مراهقاً وأنا في المتوسطة عندما بدأت قراءة كلما تقع عليه يدي من روائع الأدب العربي والعالمي . بهذه الكلمات بدأ حديثه هاني العامري لدى ضيافة نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين .
قدّم الجلسة القاص محمد علوان جبر مرحباً بالقاص هاني العامري بعدما أثنى على روايته الجديدة " صلاة الغجر " وقال : إذا كانت القصة القصيرة " فن السرد الصعب " لأنها تعمل في المنطقة الهلامية ،أي في ذلك الخط الوهمي الذي يفصل الشعر عن النثر ،فمن المؤكد أن الرواية تعمل في أماكن أكثر سعة لما تنطوي عليه من مرونة وسعة أفق .. لأنها استطاعت أن تستوعب الفنون الأخرى مجتمعة ،وإذا طبقنا صورة للمقارنة بين القصة القصيرة والرواية ،نعتبر افتراضا أن القصة تتحدث عن مقطع عرضي لنهر وهو يسير مع حيواته ،فالرواية من المنبع إلى المصب .الروائي هاني العامري أكمل حديثه قائلا: قد تأثرت حينذاك كثيرا بتلك العوالم الساحرة التي يخلقها الروائي والقاص لأنها تسمو بي إلى ما ينشده الإنسان من كمال وعدالة وحب ومعرفة وعلاقات إنسانية لا مثيل لها .وتحدث العامري عن روايته الجديدة " صلاة الغجر " وهي الإصدار الثاني بعد مجموعته القصصية " بعد مقام العذراء " : هي لوحة رسمتها بالكلمات وحرصت على أن لا تنتمي لمدرسة واحدة بل تمتد وشائجها إلى كل المدارس كي تضم كل حزن العراقيين وآمالهم ، ألوانها رمادية ومتشحة بالسواد ،تتدرج أحياناً لتكون متقاربة ثم متباعدة ،تسخن أحيانا وتبرد أحياناً أخرى ،ووراء كل هذا الصخب تختفي ألوان قوس قزح وتتجلى بوضوح في خيال المتلقي ليراها في الأفق القريب أو البعيد .وأوضح العامري ماهية " صلاة الغجر " قائلا : هي قدرنا ،هي خيباتنا ،هي السؤال الذي لا نبحث عن إجابته ،وهي في وجهها الآخر الذي يمكن أن نكتشفه ببساطة متناهية ،هي انتظارنا لمبسم حياة جديدة لشروق جديد يبعد بؤر الظلام المتربصة دوما بآمالنا وفرحنا ." صلاة الغجر " تطرح رؤى وأفكاراً عديدة ،وهذه الأفكار تظهر وتشعّ مع مقدار مخزون القارئ للبيئة العراقية والاجتماعية فكلما توغل عميقا سيكتشف عوالم داخل مخيلته الميثولوجية والاجتماعية والتراثية ،تمتزج بمحطات سياسية وتاريخية عقائدية في أوقات وأماكن محددة أحيانا ومتماهية أحيانا أخرى ،تمحورت كلها في نسيج درامي يلهث وراء أجوبة مازالت في دائرة المقموع والمسكوت عنه .وفي باب المداخلات تحدث الكثير من الأدباء الحضور عن الرواية بآراء متباينة كونها من الروايات التي تدخل إلى عوالم غير معروفة ومبهمة وغريبة عن الواقع والأعراف المتعارف عليها في مجتمعنا العراقي ، لذلك كانت الرواية محط أنظار الجميع مابين مؤيد ومعترض حول ثيمة الرواية .
"صلاة الغجر" في دائرة المقموع والمسكوت عنه
نشر في: 9 يوليو, 2012: 07:52 م