هاشم العقابي لا أعتقد أن المتتبع بعين ناقدة للتصريحات والمناوشات التي ما زالت ساخنة حول قضية سحب الثقة من رئيس الحكومة، يصعب عليه اكتشاف حالة البؤس والفقر في لغة الكثيرين من أطراف النزاع شكلا ومضمونا. فأنا شخصيا، كلما تابعت هؤلاء على وسائل الإعلام، أسأل نفسي: أي قدر تعيس هذا الذي جعل مثلهم يتحكم بمصير بلد مثل العراق؟
واحدة من المرات وصل الحال بي أني تمنيت لو لم أكن عراقيا، ثم استغفرت ربي، بعد أن سمعت نائبا من الكتلة الحاكمة يقول: "اشحدهم" يسحبون الثقة. قالها وكأنه يرفع "توثية" بيده كي يوصل رسالته "السياسية" لخصومه، ولنا نحن أيضا، بكل وضوح. لا تنسوا أن "التواثي" قد استعلمت بقيادة "كبار" المسؤولين في النسخة العراقية من "واقعة الجمل" لقمع المتظاهرين بساحة التحرير في العام الماضي. ومن يومها يبدو أن "التوثية"، وبعد أن حققت نتائج "باهرة"، صارت هي الفيصل لا بالساحات، فقط، بل في أغلب الحوارات والتصريحات.قد يرد عليّ البعض بأنه لم يشاهد أحدا من الذين أقصدهم قد وضع "توثية" على طاولة الحوار في البرامج التلفزيونية ولا عندما يصرح من خلف منصة التصريحات البرلمانية. هنا أقول له تطلّع بوجوههم بتمعن وستجد ظلال "التواثي" واضحة على جباههم. وفي بعض الأحيان قد تجدها على لسانهم أو لسان مقدم البرنامج. أما أنا فقد صرت لا أحتاج إلى جهد يذكر لتمييز حامل "التوثية" عن غيره رغم أن هذا "الغير" نادر جدا.البارحة، مثلا، كان هناك تقرير حول مسألة سحب الثقة على إحدى الفضائيات. أظهر التقرير فيلما مصورا لبعضهم مجتمعين مع السيد رئيس الحكومة. الصورة صامتة لأنها مجرد خلفية للتقرير. كنت أرى شفاها تتحرك وأيادي تصعد وتنزل، وجباهاً مكفهرة غاضبة وأخرى متيبسة. لاح لي من بينهم نائب، أعرفه حق المعرفة، كان يخاطب رئيس الوزراء. للأمانة لم أسمع ما قاله لكني حدست من لغة جسده، والحدس مثل الظن ليس كله إثما كما تعلمون، أنه كان "يهوّس" من دون الحاضرين: "ها ... ها.. همّه أحسن لو توثيتي". للأمانة لم ألحظ أيا منهم ردد "الهوسة" من بعده، لكني شعرت بأن الرئيس، ومن خلال لغة جسده، أيضا، قال له: والنعم! لا أخفيكم إن تمييزي من يحمل "التوثية" عن غيره سّبب لي مشكلة ما كانت بالبال. فأنا يسهل علي تسمية هذا النائب أو ذاك باسم "أبو التوثية" مثلما نسمي هذا "أبو عكال" وذاك "أبو جراوية". لكني أحتار حقا كيف أسمّي نائبة، وخاصة من اللواتي ضد سحب الثقة" ، تحمل "توثية" كما الرجال.في حوار تلفزيوني، قبل أيام، رد نائب على "نائبة" فغضبت. أقسم أني شعرت بأنها تحمل "توثية"، ولا كل "التواثي"، حين ردت عليه: "خوش راح أتعلم من النائبة "فلانة" طريقة الكلام". حيرتي ليست بطبيعة الرد بل بنبرته. لقد سمعت بأن هناك "أم الكيمر" و "أم الروبة" و"أم الفستان الأحمر" و"يا ام العباية .. حلوة عباتج"، لكن هل سمعتم بــــ "أم التوثية"؟
سلاما ياعراق : التواثي
نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:01 م