عامر القيسي بعد كل سلسلة تفجيرات إجرامية تحصد العشرات من أرواح العراقيين مخلّفة وراءها المئات من الجرحى، يتصدر فيها المشهد الإعلامي مسؤولون أمنيون ليقدموا لنا تقريرا بعدد من فقدناهم ويبرروا ويعلقوا تلك الجرائم على شماعة القاعدة ويتحدثون عن علاقة ضباط كبار من داخل الأجهزة الأمنية بهذه الجرائم، ثم يتوصلوا إلى الاستنتاج العبقري، أن تلك العمليات لا تشكل خرقا أمنيا!!
مع كل تقديرنا للجهود التي تبذلها قواتنا الأمنية بكل عناوينها، واحترامنا التام للتضحيات التي تقدمها هذه الأجهزة، ومع معرفتنا بالضغوط التي تتعرض لها، إلا أننا نرى أن إستراتيجية الحفاظ على أمن المواطن وأمانه تحتاج إلى إعادة نظر مهنية وسياسية معا. فإذا كان القائد الأمني الميداني يعتقد أن 14 تفجيرا متنوعا بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة وحثالة الانتحاريين، شملت 7 محافظات لا تشكل خرقا أمنيا فإن هذا يعني أن تفجيرات أقل تشكل انتصارا أمنيا!! وتعني أن هذه العقلية التي تتلاعب بوعي المواطن وتستخفّ بما يتعرض له وما يشاهده من تواصل عمليات الإجرام، ليس بإمكانها أن تلتقط الحقيقة الإستراتيجية الأمنية من أن المواطن هو هدف وغاية كل الخطط الأمنية في كل دول العالم، وأن التعامل الصادق مع المواطن وكشف الحقائق أمامه تساعده على ربط أواصر الثقة بينه وبين المؤسسات الأمنية المكلفة بالحفاظ على أمنه وأمانه. ولكي لا نظلم المؤسسة الأمنية فإن الحقيقة تقول إن الكتل السياسية المنخرطة في العملية السياسية في البلاد تساهم بشكل من الأشكال في ارتفاع وتائر العنف بسبب خلافاتهم المتواصلة والمتوالدة، وهم يسوّقونها إلى الشارع العراقي دون أدنى إحساس بمسؤولية الكلام الذي يتشدقون به أمام الكاميرات والمايكرفونات، ليذهبوا بعد ذلك إلى ملاذاتهم الآمنة في الوقت الذي يشعر المواطن بأن وراء تلك التصريحات ستندلع سلسلة تفجيرات، وحده الله الذي يعلم من يقف وراءها حقيقة!! لا ندري متى ترتفع تلك القوى إلى مستوى المسؤولية الحقيقية وتتيقن من أنّ صراعاتها المستديمة هي السبب الرئيس وراء انتعاش قوى الإجرام واستيقاظ ما يسمى بالخلايا النائمة،وهي السبب وراء الأصابع الواضحة المعالم التي تتسلل من وراء الحدود للتدخل المباشر والفج في الشأن العراقي، وهي مناسبة لتلك القوى الخارجية لتحريك أدواتها الداخلية التي تخدم مصالحها وفرض أجندتها في بقاء العراق كما هو الحال عليه الآن إن لم يكن أتعس وأسوأ!!القاعدة.. نعم.. وهي عدوّ تقليدي لكل العراقيين نساءً ورجالاً وأطفالاً، المسلمين منهم والمسيحيين، السنّة والشيعة،العرب والكرد، والصابئة والأيزيديين، والقول إن هذا التنظيم الإجرامي يقف وراء التفجيرات لا جديد فيه، والمواطن يعرف جيدا أن للقاعدة أصابع في كل التفجيرات التي تشهدها البلاد، وبالتالي يجب البحث عن خطاب إعلامي مختلف وخطط أمنية يكون فيها المواطن شريكا حقيقيا في الحفاظ على أمنه وأمن وطنه، وفي غير ذلك سنبقى نسمع النغمة نفسها، القاعدة والخروقات الضبابية، ونسمع أيضا أصوات التفجيرات التي تشعل الحرائق فينا كل يوم، فيما سترتفع على إيقاعات الخلافات السياسية، حسب الطلب، ملفّات التسقيط السياسي بالمشاركة في أعمال الإجرام بحقّ العراقيين !!
كتابة على الحيطان:الأمن والسياسة والمواطن
نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:21 م