هاشم العقابي أحسد نفسي الآن على قدرتها في ضبط أعصابها، إذ لم تدفعني لشتم السياسيين واحداً بعد الآخر. أمعقول أن يصبح الشعب مشروعا مباحا للذبح والتفجير في كل يوم وساعة وثانية؟ القتلة والإرهابيون هم الذين يقررون لحظة قتل "الكمية" التي تشفي غرائزهم الدموية، والسياسيون عندنا، خاصة الذين في السلطة، كأنهم في عالم آخر. فالحكومة من رئيسها إلى آخر منتفع منها، لا تفعل شيئا سوى أنها تفكر في عذر يستر عورة عيوبها.
تابعت كل تصريحات أصحاب دولة القانون، وحزب الدعوة بالذات، فلم أجد بهم، وبهن أيضا، غير من يقول، أو تقول، إن السبب تتحمله الأطراف التي سعت لخلق الأزمة السياسية الأخيرة. وهنا طبعا يقصدون قضية السعي إلى سحب الثقة من المالكي. أقولها ،وأتحمل مسؤوليتها، إن هذه كذبة فاقعة. فلو كانت هذه المرة الأولى التي تحدث بها جرائم التفجيرات بحق العراقيين لقلت صادقين. صار أمراً روتينيا أن يتعرض العراقيون لمثل هذه التفجيرات "الجماعية" كل ثلاثة أشهر بالمعدل. ولو حدث هذا في بلد لاستحى سياسيوه على أنفسهم، سواء كانوا في السلطة أو المعارضة. كان أقل ما عليهم فعله هو أن يحترموا دماء العراقيين المهدورة بلا ذنب. وأن يكفوا عن البحث عن سبب هنا أو هناك لتبرير فشلهم وجهلهم بمكافحة الإرهاب. ولو كانوا فعلا يشعرون بأقل انتماء وطني لهذا البلد المنكوب للبسوا السواد وكفوا عن إيذائنا بابتساماتهم المقرفة ونحن قلوبنا تقطر دما. عندما يقتل هذا الكم من الشعب يجب أن ننسى كل خلافتنا ونلتفت للمقتولين وما خلفوه وراءهم من أيتام وأرامل وحسرات جاثمة على صدور الناس كجبال من صخر. كنت أنتظر، وأنتظر كثيرون غيري ممن شاهدوا طفلا جريحا في مستشفى الحلة يئن من جراحه ولا يدري أن أباه قد قُتل فبقي بلا أب، أن نسمع من المعارضة قبل الحكومة من يقول من أجل هؤلاء لا نريد سحب الثقة من المالكي، حسب، بل واسحبوها منا أيضا. فماذا سمعنا؟إياد علاوي يخرج علينا ليقول إن هناك رشوة دُفعت لهيئة المساءلة والعدالة لتخليص عالية نصيف من الاجتثاث. يا عمي عرب وين طنبورة وين؟ إن كلاما عن أمر مثل هذا والشعب ينزف دما، بطر لا يرضي الله ولا عباده . والمالكي يخرج، هو الآخر، وكأن العراقيين بأمن ولا في سويسرا، ليتحدث عن مؤامرة لاستهدافه شخصيا. سدّك أمين يا دولة رئيس الوزراء. فأنت وأولادك وبناتك وأحفادك منعمون بالخضراء تسرحون وتمرحون. أقسم لك "ماكو مؤامرة تصير و (الخضراء) موجودة".أنا واحد من الذين حلمت بنجاح سحب الثقة لأنها ممارسة دستورية إن تمت فستكون نقطة ضوء قد تنير صفحة مهمة في تاريخنا السياسي المظلم منذ نصف قرن. أما اليوم، فليت المطالبين بسحب الثقة أن يحسبوا عدد القتلى والجرحى خلال السنوات الستة التي حكم بها المالكي، ثم يسألونه بعد أن يكملوا العد: كم هو الحد الأعلى لعدد الضحايا الذي تقترحه يا سيادة رئيس الوزراء، الذي إذا تخطيته ستستقيل؟ حكومة وفّرت أعلى درجات الأمن والأمان، في الجو والأرض، لمؤتمر القمة و 5+1، وهم الغرباء بحسابات الجنسية، واعتبرت ذلك نصرا لا يدانيه نصر. فماذا يعني أنها لا تحمي زوار الإمام موسى الكاظم وهي تعلم مسبقا بموعد الزيارة وتفاصيلها؟ رحم الله من قال: "لحم غالي ولحم رخيص".لا والله، ما كان الدم العراقي رخيصا ولن يكون كذلك، لولا ..... إنا لله.
سلاما ياعراق :بعيداً عن سحب الثقة
نشر في: 13 يوليو, 2012: 05:43 م