عالية طالب بعد أن اتخمنا من سماع توصيفات، بعثي، تكفيري، إرهابي، ظلامي، والتي تطلق اثر كل خرق أمني جديد رغم تصديرنا لخطاب يؤكد نجاح خططنا الأمنية في كل المجالات، ونطلقها كذلك على كل مظهر من مظاهر الإفساد والمفسدين والعبث والعابثين والمتسببين بهدر وتدمير البنى التحتية صناعية كانت أم زراعية.
هذه التوصيفات على من نلصقها اليوم ونحن نرى ظلما إنسانيا يقع تحت أنظار المسؤولين عن ثرواتنا الزراعية التي تصدمنا بواقعها الميت والمتيبس بمجرد سلوكنا لطريق جسر الطابقين الرابط بين الدورة ومنطقة الكرادة والجادرية، حيث كانت هناك بساتين غنية بأشجار النخيل والحمضيات وبأصناف وأنواع متميزة أشيع عنها قبل 2003 بأنها تعود لمسؤولي النظام السابق ولم يكن متاحا لنا كمواطنين التعرف على وجودها إلا حين انشئ ذلك الجسر ففتح لنا طريق الرؤيا إلى محرمات أملاك هؤلاء المسؤولين في ذلك الوقت، وكنا نعجب لجمالها وغزارة إنتاجها وبداعة تصميم المزارع العراقي في الاهتمام بها ومراعاتها ولم نكن نحسد تلك البساتين ولا مالكيها لكون الأرض لله أولا وأخيرا، وهي للعراق سواء ملكها زيد أو عبيد، لكن ما جرى لتلك الثروات البستنية بعد 2003 كان كارثة زراعية حقيقية، فأغلب تلك البساتين هجرها الفلاحين القائمين عليها وتركت بلا ماء ولا رعاية واهتمام، مما جعلها تموت تباعا لتخلف مساحات جرداء ونخيل مثقل باغتياله المنحني أمام إعصار الإهمال الذي ضرب خاصرة ارض الله والعراق بقصدية غير مفهومة إلا أن تكون تلك البساتين مشمولة بقرارات الاجتثاث والمساءلة والعدالة فتستحق إصدار أوامر النفي عن الحياة والإقصاء من خارطة بلد استبدل حكامه لكنه لم يستبدل المفاهيم الاقصائية والإلغائية للآخر، كائناً من يكون هذا الآخر سواء أكان أنسانا أم حيوانا أو شجرة تشهد موتها بفعل رغبات غير مفهومة لمن وضعوا اليد على تلك المزارع والبساتين وأصبحت خارج سلطة الزمان والمكان والأشخاص ومرجعيات الأملاك سواء أكانت لأمانة بغداد أم لدائرة مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لرجال النظام السابق والتي من المفترض أن تعمل على إدامة تلك الأموال والحفاظ عليها لكونها تمثل جزءاً من ثروات العراق وممتلكاته التي صادرها النظام السابق من مالكيها ومن أموال العراق التي كانت تعتبر أملاكاً مشاعة له يعمل بها ما يشاء، وهو ما كنا نكظم غيظنا من أن يعلن عن نفسه حتى لا تغيّبنا السجون والاعتقالات إذا ما اعترضنا أو تكلمنا عن الحقوق المستلبة سواء للأشخاص او للوطن، لكننا لم نكن نعتقد أن إزاحة ذلك الكابوس ستجعل من يأتي بعده يعيد ذات الاستلاب لكن بأشكال ووجوه مختلفة في التطبيق ومتشابهة في القصد ألا وهو تبديد ثروات العراق سواء بالإهمال أو بالتدمير أو بالتهديم أو بالإرهاب أو بالتكفير أو بغيره من صفات المرحلة التي نعيشها والتي بمجملها تعمل على تشويه صورة الوطن وتفتيت ثرواته وإلغائها من خارطة العراق التي لم نعد ندري ما الذي سيتبقى منها لو استمر الحال على ما هو عليه الآن!!
وقفة:بساتين بعثية!!
نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:09 م