TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل:انتهت الزيارة وبقيت الأسئلة الملحّة

شناشيل:انتهت الزيارة وبقيت الأسئلة الملحّة

نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:12 م

 عدنان حسين عصر السبت الماضي، بعد ساعات من رفع حظر التجوال (للسيارات) التي فرضتها قيادة عمليات بغداد في بعض المناطق والشوارع الرئيسة التي استخدمها الزوار للوصول إلى الكاظمية تأدية لزيارة الإمام موسى الكاظم، نزلت من بيتي بعد حبس طوعي – إرغامي دام ثلاثة أيام، واتجهت الى حي الكرادة.. تملّكني ساعتها شعور قوي بالكرب والأسى حيال عاصمتنا التي كانت في يوم ما أم الدنيا.
كانت بغداد في حال ربما لا يريدها لها تماماً حتى العدو المبغض .. مزبلة حقيقية مترامية الأطراف. رغم الألم الممضّ على مدينتي ضحكتُ في سري من تصريحات كبار المسؤولين في قيادة بغداد ومحافظة بغداد وأمانة بغداد الذين أعلنوا غير مرة أنهم هيأوا كل شيء ورتبوا لكل شيء يتعلق بالمناسبة.(انا شكّكتُ في هذا العمود قبل بدء الزيارة بصحة وعود المسؤولين وتعهداتهم).مع ذلك فكرت (يوم السبت) بأن بغداد ستصحو في اليوم التالي على وضع مختلف تعود فيه إلى حالها المعتادة كنصف مزبلة (مدننا كلها باستثناء مدن إقليم كردستان مزابل بكل المقاييس) بعد أن تستكمل فرق التنظيف مهمتها. ولكنني صباح أمس (الاثنين) وأنا أعبر جسر العطيفية – الأعظمية بدت المنطقة الممتدة من الجسر إلى ساحة عنترة منسية تماماً من محافظة بغداد وأمانة بغداد وفرق التنظيف التابعة لهما.السؤال يلحّ في بالي: ما ذنب سكان هذه المنطقة وسواها لكي تُترك مخلفات الزوار لهم بعد يومين كاملين من انتهاء الزيارة؟لكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو الذي يتعلق بمجمل الإجراءات المُتخذة في المناسبة والمناسبات المماثلة والتي تتكرر سنة بعد أخرى بالصورة نفسها ويتكرر معها انتقادها من الرأي العام.دستورنا الذي كرّس في أحكامه تعددية الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية، ساوى بين الجميع في الحقوق والواجبات.. لم يُفضّل أحداً على أحد ولا جماعة على أخرى، وهو (الدستور) ضمن التمتع بالحريات السياسية والشخصية من دون تمييز وحرّم الحدّ والانتقاص من الحريات والحقوق العامة والخاصة.العراقيون ليسوا جميعا مسلمين، ولا المسلمون جميعاً شيعة ولا الشيعة جميعاً مؤمنون. بين العراقيين مسيحيون وصابئة مندائية وإيزيديون وفرق وجماعات دينية أخرى فضلاً عن المسلمين السنة. وهناك أيضاً غير المؤمنين ممن يُحسبون على مختلف الديانات والمذاهب.دستورنا ضَمِن للمؤمنين من كل الديانات والمذاهب ممارسة عقائدهم وشعائرهم بحرية، بيد أن هذه الحرية محدودة بعدم التجاوز على حريات الآخرين وحقوقهم.الحياة الحرة الطبيعية الآمنة حق مكفول في الدستور لكل عراقي، والإجراءات التي تتخذها الأجهزة الأمنية (العسكرية والشرطية) في بعض المناسبات الدينية، وبخاصة تلك التي تتضمن حظراً لتجوال السيارات وإغلاقاً لأسواق ومصالح في مناطق بأكملها وقطعاً لشوارع وجسوراً بطولها وعرضها لعدة أيام متتالية، تمثل (هذه الإجراءات) تجاوزاً على حريات مئات الآلاف، بل الملايين، من العراقيين الذين لا علاقة لهم بهذه المناسبات وتعدياً على حقوق لهم.السؤال الأكثر إلحاحاً من السؤال عن مبرر ترك الفضلات والمخلفات في الشوارع العامة ومناطق السكن، هو: بأي حق تفرض الأجهزة الأمنية والحكومة من ورائها إجراءات تقيد حقوق المواطن السني والمسيحي والصابئي والأيزيدي وغير المؤمن وتحد من حريته في مناسبة لا تخص هذا المواطن ولا تعنيه؟هذا السؤال الملح ليس موجهاً إلى أجهزة الدولة والحكومة وإنما أيضاً إلى المرجعيات الدينية الشيعيةً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram