TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > صناديق الثروة السيادية .. مفهوم آخر لدعم التنمية

صناديق الثروة السيادية .. مفهوم آخر لدعم التنمية

نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:27 م

لبيد جلال الحنفي أصبحت صناديق الثروة السيادية حول العالم، من خلال تحكّمها بأصول مالية هائلة، ونفوذها المتعاظم في الكثير من الأسواق الدولية، ركيزة مهمة من ركائز الاستثمار العالمي، وإحدى علامات القوة المالية في الاقتصادات الناضجة، وأيضا تشكل أحد الموارد التي تعكس التنوع في تطوير بنية رأس المال القومي
 ضمن إطار التفاعل مع النظام المالي العالمي.. لم تتأسس تلك الصناديق، برغم الشبهات التي حامت حولها، بهدف النيل أو التضييق على القطاع الخاص لتلك الدول، كما يحلو للبعض أن يظن، بل على العكس تماما فإنها جاءت تلبية للطموحات المتزايدة للمجتمع المدني في استثمار جزء من ثرواته القومية لمضاهاة حالة الطلب الكلي المتنامية في تلك المجتمعات، إضافة إلى المساهمة الإيجابية من قبل هذه الصناديق في زيادة معدلات النمو في عمليات الإنتاج المحلية والدولية، إذ تطلب ذلك استثمار جزء من تلك الثروات القومية في مجالات اقتصادية متنوعة، وضمن إطار صناديق استثمارية خاصة تحقق عائدات تنمي هذه الثروات، وتحافظ على قيمتها من مخاطر التضخم، إضافة إلى استخدامها " أي ذاك الجزء من الثروة " في تنويع مصادر الدخل القومي، ورفع معدلات الناتج الإجمالي GDP لتلك البلدان.إن أكثر البنود أهمية،التي تم التوقيع عليها من قبل مالكي الصناديق السيادية الـ 26 عام 2008 في شيلي، تلك التي كشفت بشفافية عالية التوجهات العامة لهذه الصناديق، من حيث الإفصاح عن السياسات الاستثمارية لها ومناطقها، بالإضافة إلى تمكين هيئات الصناديق من صياغة الاستراتيجيات المتعلقة بها وتنفيذها، مما مكن المؤسسات الصناعية والإنتاجية والمالية الدولية من تحديد رؤاها، ورسم سياساتها بما ينسجم مع آليات القوة الاستثمارية لتلك الصناديق، الهادفة في جزء من رسالتها إلى تقوية القطاع خاص وتعزيز قدراته التوسعية.توجهت هذه الصناديق في سياساتها إلى أوسع شراكة مع القطاع الخاص، من خلال استثمارات متعاظمة في مجالات عديدة منها ،المصانع والبنوك والتأمين والبورصة، علاوة على الاستثمار في مجال السندات والأذونات القصيرة الأجل، إذ ساندت تلك السياسات الأنشطة والفعاليات الاقتصادية والاستثمارية التي يغطيها القطاع الخاص، وبنفس الوقت كانت تلك الصناديق تجمع أرباحا هائلة جراء استثماراتها تلك، وقادت تلك السياسات أيضا إلى توفير العديد من المؤسسات الإنتاجية للمجتمع، والكثير من فرص العمل لأفراده، والتقدم التكنولوجي لإدارة الإنتاجيات، والمزيد من التوسع إلى الأسواق العالمية، وتحسين الواقع المعيشي لمستويات اجتماعية متعددة وواسعة.إن العراق دولة تعاني  الأحادية المريضة للإنتاج، حيث باتت هذه الأحادية  تشكل خطرا كبيرا على عامل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وربما الأمني أيضا، ليس للعراق وحده بل حتى للبلدان المجاورة، فالاعتماد المطلق على عائدات النفط المهددة أسعاره بالانهيار، لم يعد في هذه الأوقات بالسياسة الآمنة لإدارة الاقتصاد الوطني، أو بدقة أكبر لنقل إدارة تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع، والأولى أو الأكثر ضرورة هو الشروع الفوري في رسم رؤية إستراتيجية تفضي إلى نقل جزء من مهام إدارة الاقتصاد إلى القطاع الخاص وتحديدا الصناعي، وتحفيزه وتشجيعه بحزمة من الحوافز المادية والتشريعية ليتمكن من أخذ دوره الاقتصادي والاجتماعي المفترض.إن عبارة تشجيع القطاع الخاص، لاتعني دوما الإعانات أو المنح المالية، التي غالبا ما يفهمها هكذا الريعيون "ممن اعتادوا تلقي الأموال نتيجة لبيعهم ما جادت به الطبيعة في أرضهم بالمصادفة" ، وإنما على العكس تماما فيمكن للدولة أن تستثمر في مجال تشجيع القطاع الخاص وتحديدا الحقيقي منه وأعني الصناعي، عن طريق الاستثمار بمنحه القروض المالية المدعمة بعائد مناسب، وكذلك عن طريق الاستثمار المباشر إما في السندات المصرفية الضامنة أو عن طريق شراء الأسهم والأوراق المالية التابعة له، حيث أن ذلك السلوك التوظيفي لرأس المال يعد مربحا لقطاع الاستثمار السيادي، وأيضا نوعا من الخطوات المتقدمة لتفعيل مشاركة القطاع الخاص الصناعي في عملية بناء الاقتصاد الكلي، ومن المؤكد سيترافق مع كل ذلك، خطوات تشريعية تراجع كل القوانين المعيقة والمعادية للقطاع الخاص والاستثمار بشكل عام.إن الاستثمار المالي الحكومي بالعراق، في عملية تشجيع القطاع الخاص الصناعي على الاضطلاع بمهامه في التنمية الوطنية، لن يؤدي فقط إلى تنمية جزء من عائدات مبيعات النفط "الذي غالبا ما يكون بصورة موازنات سنوية"، وإنما سوف ينعكس إيجابا أيضا على القسم الآخر من المبيعات من خلال ارتفاع مناسيب الضرائب وتعدد مصادرها، إضافة إلى تفعيل قانون العمل والضمان الاجتماعي الذي سيوفر بدوره سيولة مضافة قابلة للتدوير والاستثمار بقطاعات أخرى،  علاوة على إعفاء الموازنات الحكومية من أعباء إعانات البطالة والفقر، والمزيد من المكاسب المالية الأخرى،  إضافة إلى ضمان نصيب الأجيال القادمة من ثروة البلاد. إن تأسيس صندوق ثروة للاستثمار السيادي في العراق، يمكن أن يأخذ مرحلتين باتجاه التمركز والنمو، فالمرحلة الأولى منه ستكون في غاية الأهمية، حيث سيساهم هذا الصندوق بتعزيز مو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram