ثامر الهيمص انخفاض الأجور مع المهارة اصبحا نعمة على الاقتصاد الصيني، وهذه اللحظة التاريخية اقتنصتها القيادة الصينية الحكيمة حقا"وأخذت بها الهند الان وجميع من استفاد من التجارب تلك من ماليزيا الى البرازيل . ولكن لولا الجهوزية الاجتماعية والسياسية لما تحقق شيئ أيضا" فليس كل ماهر قليل الأجر مبدعا ومنتجا .
فالتشوهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تركها الاستبداد بحروبه وحصاراته شوهت البنية الاجتماعية والتحتية والسياسية . وتعززت وتعمقت بفضل سياسات مجلس الحكم عندما كرس واظهر المسكوت عنه في ذلك العهد الى شاخص له اسم وعنوان وكيان ، واستمر التشوه ولكن بأبعاد جديدة . بحيث أصبحت المهارة لها بدائل بحيث لا يحتاجها صاحبها وهي الانتماءات العريقة والطائفية مع الانتهازية والتزوير ، وهجرة الكوادر ليحلوا محلها . أما الأجور فليس لها علاقة بالإنتاج اذ الغي مثلا" ونهائيا" الأجر بالقطعة حتى في القطاع الخاص ، ظهرت أنواع البدائل له والالتفافات عليه . كما أن النموذج القدوة للأجر والراتب لذوي الدرجات الخاصة وامتيازاتهم فليس له علاقة مطلقا" بشيء أسمه العمل ، اذ حسب التعريف الرسمي للعمل هو ( الأداء المنتج مقابل أجر مجز مؤديه حرا" ) وبما أن النتائج عكسية حيث المنتج أصبح خسارة بالإجمال . فنحن أمام خيارات في هذا الاداء البائس سواء كان اقتصاديا" أم سياسيا" أم ماليا" أو اجتماعيا" أو تربويا" أو ثقافيا" . فمثلا" أداء العملية السياسية انعكس سلبا" على الاستثمار بحيث أصبح العراق بيئة طاردة للاستثمار حسب تصريحات برلمانين واقتصاديين ، أما الاداء الاقتصادي وأيضا" حسب برلمانين بأنهم يتوقعون فشل الخطة الخمسية القادمة والسابقة ، وماليا" أيضا" وحسب مصادر مجلس الوزراء أن 5% فقط من المبالغ المحولة للخارج كانت قانونية واستثماريا" وأيضا" حسب مسؤولين في المحافظات تلكأت مشاريع عددها ( مئة وعشرون في بابل وحدها منذ عام 2006 ، 27 مشروعا معطلة لحد الان في البصرة من أصل ستين مشروعا" ) . واجتماعيا" فالشكوى لا تحتاج الى توضيح في قلة المتخصص للأرامل والايتام وذوي الحاجات الخاصة وهكذا في الاسكان الذي يعني أولا" هذه الشرائح فهو في تراجع امام ثلاثة ملايين ونصف مليون وحدة سكنية نحتاجها الان . والتعليم من الابتدائية الى الجامعة محبط بسبب البطالة مع ازدهار التزوير من داخل هذه الأجهزة ، وثقافيا" أننا نتراجع من الأمية الى الفنون المسرحية والموسيقية . إذن هل ينعكس نظام الأجور على الأداء ؟ لاشك في ذلك ، عندما يفقد الأجر هويته اذ هو لا يعبر عموما" عن أداء محدد بدونه لا يستلمه ، كما أن هذا الأجر غير مرتبط بسلم اجتماعي جديد تناسب معه وهو سلم النقابة او الجمعية المهنية . ولذلك يخسر إبداعه وحسن ادائه . كما أنه رافق ذلك تفاوت في الأجور ، يعزز ما تقدم مع زيادة في الاحباط فهناك اختلافات نوعية في الرواتب والأجور لا تسوغها مهارة أو شهادة أو خدمة أو خبرة . مما ينعكس سلبا" على الدرجات التي تماثلها في الشهادة وسني الخدمة . كما أن هذه المواقع المتميزة بالإضافة الى الامتيازات ( خطورة ، مخصصات ايفادات ) يترتب عليها مركز غير اعتيادي في الدوائر والمؤسسات عندما يسوق نفسه في مجالات الاستثمار وممارسة نفوذه من خلال شبكة العلاقات التي ينسجها ليزيد من تهميش زميله سواء كان في الدولة أو القطاع الخاص . وبذلك يكون الجد في العمل والإبداع لا مكان لهما في هذه الساحة ، مما يعرقل عملية الاستثمار التي هي الوحيدة كميدان للإبداع والتأسيس لمرحلة ومنعطف كنا نراهن عليه .
فضاءات:نظام الأجور والاستثمار
نشر في: 13 يوليو, 2012: 06:28 م