TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن: أبــو الحيـايــا

نص ردن: أبــو الحيـايــا

نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:49 م

 علاء حسن وسط ساحة النعشخانة في منطقة الكاظمية ، وفي زمن الرئيس عارف  الثاني عبد الرحمن،  كان  "حاتم أبو الحيايا " يقيم حلقة  لنشاطه الأسبوعي عصر الجمعة  بإخراج الأفاعي من كيس مربوط بحزامه ، مع  قراءة الدعاء لمن حضر حلقته بالرزق والصحة والعافية ،
وكان الحاضرون من مختلف الأعمار من النساء والرجال، وأغلبهم من الجنود المتوجهين إلى معسكر التاجي، والهدف من نشاط أبو الحيايا كان الحصول على دراهم الحاضرين بعد أن يترك بين صفوفهم الإعجاب  والتساؤلات حول قدراته السحرية في ترويض "الحيايا"، والرجل في نشاطه الأسبوعي كان يقدم  أشبه  بالعرض المسرحي على طريقته الخاصة ، وبقدراته الصوتية، وأسلوبه في سرد الروايات والقصص ، يجعل جمهوره يرمي الدراهم،  إعجابا أو ربما رغبة في مساعدة حاتم على مواصلة نشاطه .السلطات  الأمنية وقتذاك لم تعترض على نشاط "أبو الحيايا " فخطابه لا يتضمن إشارة إلى الوضع السياسي من قريب أو بعيد ، والرجل  يدرك بأن جمهوره الحريص على  حضور فرجته المجانية  يدفع الدراهم عن طيب خاطر ، للدعاء أو لمس الأفعى من دون أدنى شعور بالخوف  وفضل الرجل على الحاضرين يتمثل ، بأنه جعلهم يكسرون حواجز الخوف من الأفاعي ، وليس من النظام أو السلطات ،  ولهذا السبب استمر نشاطه  عدة سنوات من دون  اعتراض من شرطي سري أو علني أو حتى من رجال المرور.حلقة أبو الحيايا الأسبوعية كان يحضرها مثقفون من أبناء منطقة الكاظمية ، وعلى الرغم من اعتراضاتهم على الرجل،  إلا أنهم كانوا يعبّرون عن إعجابهم بأسلوبه في التأثير،  وإيصال خطابه بطريقة ،  لا يجيدها غيره باستخدامه " حيايا" يقول  عنها بعض الحاضرين إنها مخلوعة الأسنان ، لكن صاحبها حاتم يفند هذه الادعاءات   ويقسم  رافعاً ذراعيه ومتوجهاً لمرقد  الإمامين في  الكاظمية بأن  الأفعى  حين تفقد أسنانها،  لا تستطيع العيش أكثر من خمس دقائق ، وهذه القضية كانت موضع جدل وسجال انتهى باختفاء حاتم أبو الحيايا ، بعد أن تولى البعث السلطة في العراق ، فالرجل توجه إلى جهة مجهولة ، لأن  السلطات تلقت أوامر بمنع التجمعات خارج ندوات " أنت  تسأل والحزب يجيب " ، وقبل أن يغادر أبو الحيايا  الكاظمية متوجهاً إلى منطقة أخرى  غير خاضعة لسلطة الحزب ، نصحه أحد معارفه بأن يسخّر حلقته الأسبوعية للإشادة بالقادة والزعماء الجدد ، ويحث الجماهير على الالتفاف حول القيادة الحكيمة ليضمن استمرار  عمله بأن يجعل الدعاء لصالح الرئيس الجديد آنذاك الراحل  أحمد حسن البكر ، وأعضاء القيادة القطرية والقومية ، وحاتم أبو الحيايا البعيد جدا عن السياسة ، لم يقتنع  بالنصيحة ، وقال بالحرف  الواحد إن "الحيايا" لا تعرف الرؤساء والزعماء ، وتسخيرها لخدمتهم يبعد الجمهور عنه ، وما قاله الرجل أيضا ، أنا على استعداد لتسخير الدعاء  للقيادة الحكيمة عندما أحصل منها على وعود بمنحي منصب وزير، وحينذاك سأكون على استعداد لجعل "الحيايا" تهتف هلهولة للبعث الصامد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram