عدنان حسينلست ممن يعتقدون بأنه بمجرد إخراج رئيس الحكومة نوري المالكي من منصبه وتعيين شخص آخر محله سيخرج المارد من القمقم ليقول للشعب العراقي: "شبيك لبيك، عبدك بين ايدك.. أطلب واتمنى"، فيتحقق للعراقيين كل ما انتظروه ووُعِدوا به طيلة السنوات العشر الماضية وشبعوا يأساً من تحقيقه.
ما دام الشرط أن يكون البديل من التحالف الوطني قائماً، لا توجد ضمانة مؤكدة بان خليفة المالكي سيكون أفضل منه، ربما نسبياً فحسب والى حين. نعم المالكي فيه عيوب كثيرة (على صعيد الحكم وإدارة الدولة بالطبع)، لكن العيب الأكبر هو في النظام برمّته .. المالكي ابن شرعي لهذا النظام الذي لا يستند الى الدستور ولا الى مبادئ الحق والعدل والديمقراطية في إسناد المناصب والوظائف الى الاشخاص على أساس الكفاءة والموهبة والخبرة والوطنية، وانما هو يركن الى قاعدة التوافق الحزبي والمحاصصة الطائفية والاعتبارات الشخصية والعشائرية. ولذا كان لدينا نواب لا يستحقون حتى أن يُكلف الواحد منهم برعي شاتين وبقرة، ووزراء ووكلاء ومدراء ومحافظون ليسوا جديرين حتى بسوق الدواب.إذا راح المالكي فمن المشكوك فيه الا يكون خليفته "المالكي رقم 2". هذه قناعتي التي تستند الى نظرة في وجوه المرشحين للخلافة. ومع هذا فإنني في غاية الحماسة لاستجواب المالكي في مجلس النواب. أولاً، لتكريس تقليد خضوع رئيس الحكومة للمحاسبة أمام البرلمان، فلا بدّ من تذكير رئيس الحكومة، الحالي ومن سيخلفونه، بأنه ليس إلهاً سومرياً أو بابلياً مُبجلاً ولا خليفة ً أمويا ً أو عباسياً أو عثمانياً مُخلّدا، وانه ( رئيس الحكومة) ،ابتداء وانتهاء، عضو في هيئة اسمها البرلمان كلّفته بمهمة محددة ومن حقها أن تسحب التكليف في أي وقت.لكنّ الأهم من هذا أنني راغب في أن أرى ويرى معي كل العراقيات والعراقيين كيف- اذا ما جرى الاستجواب أو طلب سحب الثقة (من قبل رئيس الجمهورية)- سيفتح الفرقاء المتصارعون الملفات التي يهدد كل منهم الآن بكشف محتوياتها. فمن المؤكد ان في هذه الملفات أسراراً وخفايا خطيرة وفضائح تزكم الأنوف من فرط نتانتها وفظائع تقلب الموازين من شدة هولها.عملية الفتح المتبادل للملفات ستُظهر للشعب العراقي كم هو مغفّل وساذج وجاهل بتصويته لصالح هذه الطبقة السياسية التي ما كانت تستحق أدنى تضحية منه ولا تستأهل حتى مجرد الذهاب الى المقار الانتخابية للتصويت لهم وتمكينهم من التحكم بمصير هذا الشعب.الدستور كفل حق الشعب في المعرفة، لكن هذا الحق مُنتهك ومُنتقص على نحو سافر، فالتدليس هو القانون السائد بين القوى السياسية المتنفذة في السلطة، واستجواب رئيس الحكومة سيكون فرصة الشعب الذهبية في معرفة ما يتعين أن يعرفه، بكشف المستور عنه بحجاب التوافق والمحاصصة.
شناشيل: الاستجواب .. إذا حصل
نشر في: 14 يوليو, 2012: 06:52 م