علي حسينعندي فكرة للدكتور حسين الشهرستاني القابض على أمور الكهرباء والنفط في عموم العراق ستشغل وقته في ما ينفع الناس ويمكث في الأرض بدلا من زبد الهجوم على الجميع والتدخل في شؤون المحافظات من البصرة إلى أربيل، ولما كان الثابت شرعا حتى الآن أن الشغل الشاغل لأي مسؤول هو الاهتمام بالخدمات المقدمة للناس، فإني أتقدم بهذه الفكرة إلى السيد نائب رئيس الوزراء لكي يترك له بصمة حقيقية تتذكره بها شعوب ميسان والأنبار ونينوى كما سيذكره شعب الصومال بعد عمر طويل إن شاء الله.
وباختصار شديد أقترح على السيد الشهرستاني أن يقود سيارته بنفسه في يوم عادي ويخطف رجله لزيارة رعاياه من أهالي المحافظات، ما يوفر للشهرستاني فرصة تاريخية للتعرف على عذابات هذه الشعوب وهي تواجه صيفا على سطح بلاد ساخنة يدعي مسؤولوها أنهم بصدد تصدير الكهرباء إلى دول الجوار. ومادام الشهرستاني مولعا بالأرقام والحسابات إلى هذا الحد فأني أتمنى عليه ان يجيبني عن فوضى الأرقام التي طرحها علينا قبل أيام دفعة واحدة.. ففي مؤتمر صحفي قال الشهرستاني إن "العراق استطاع أن يصل بطاقته الإنتاجية إلى سبعة آلاف و450 ميغاواط خلال شهر حزيران الحالي بعد إدخاله أربع محطات لتوليد الطاقة الكهربائية"، مشيرا إلى أن "العراق سيصل خلال شهر تموز المقبل إلى تسعة آلاف ميغاواط الذي يعتبر الاكتفاء الذاتي والتصدير خلال العام القادم 2013فإذا كان إنتاج الطاقة الكهربائية وصل إلى أكثر من سبعين بالمئة حسب أرقام السيد الشهرستاني، فمن أين يأتي هذا الظلام التي تعيش فيه معظم مدن العراق.. والسؤال الأهم إذا كانت الحكومة قادرة وبسرعة قياسية أن تنشئ محطات كهربائية ترد فيها على المشككين، لماذا إذن لم تحرك ساكنا خلال الست سنوات الماضية من حكم السيدين المالكي والشهرستاني.في العام الماضي تعهد لنا السيد الشهرستاني بتوفير الكهرباء لعموم العراق وبطاقتها الكاملة عام 2012، وفي نفس العام أيضا قال وزير الكهرباء المقال او المستقيل رعد شلال وبالحرف الواحد أيضا إن: أزمة الطاقة الكهربائية في العراق ستنتهي بحلول عام 2015.. اليوم يقول الشهرستاني انه سيصدر الكهرباء عام 2013، ونتخيل معه أن العراقيين سينعمون بها حتما قبل هذا التاريخ الذي سيسجل بأحرف من نور ولكنه الكلام الذي لا يخسر صاحبه شيئا إذا قاله، كنت أتمنى أن تلتفت الحكومة إلى ضرورة أن يكون هناك خطاب إعلامي صريح، أو على الأقل ألا يتم الضحك على عقول الناس بهذه الأرقام الصماء.تحسن الحكومة صنعا إذا أصدرت بيانا تناشد فيه الشعب ألا يصدق ما يعلنه بعض مسؤوليها، حتى لا يصدق الناس كل ما يسمعونه وبالتالي لا يصابون بأزمات قلبية أو حتى نفسية، ولكن يبدو أن الحكومة تؤمن بالحكمة التي تقول "اكذب حتى يصدقك الآخرون"، وبما انه لا توجد ضريبة على الكلام، ولا توجد قوى سياسية ومدنية جادة تهدد الحكومة ولا يوجد مجلس نواب حقيقي يستطيع أن يحاسب المسؤولون على تصريحاتهم.. وبما أن الشعب مغيب أو شبه مغيب وقرر الاكتفاء بالشكوى ورفع يديه بالدعاء على الأمريكان فقط. من اجل كل ذلك لا يمكننا أن نلوم أي مسؤول لو خرج علينا وأطلق لخياله العنان عن المستقبل الوردي الذي ينتظر العراقيين في الأيام القادمة بعد أن اتفق الشعب بكل أطيافه على تجديد البيعة والولاء للسيد المالكي. كثيرون يستمعون لتصريحات المسؤولين العراقيين الذين يعدون الناس بالرفاهية والازدهار ويناقشون باستفاضة تصريحاتهم حول ثمار التنمية وفوائد الزيادة في صادرات النفط العراقي لكن يبدو أن السيد الشهرستاني يفوق الجميع بتصريحاته الوردية.الحكومة السابقة والتي كان الشهرستاني فيها وزيرا للنفط صدعت رؤوسنا بخطبها الرنانة وأنها ستعوض الناس عن بؤس وفقر العهود الماضية، فأطلقت اليد لسراق المال العام وكانت النتيجة زيادة الفقر وظهور "حيتان السياسة الذين التهموا كل شيء"، وراحت الحكومة وجاءت حكومة جديدة أصبح فيها السيد الشهرستاني نائبا لرئيس الوزراء ومازلنا نسمع التعبيرات نفسها عن ثمار الزيادة في صادرات النفط، ولا ندري كيف يريد السيد الشهرستاني إقناع الفقراء بأن ثمار هذه الزيادة ستصل إليهم، فيما الطريق مليئة باللصوص من سياسيين ومسؤولين يسرقون ثمار التنمية قبل أن تصل إلى مستحقيها.السيد الشهرستاني أتمنى ألاّ تبدد أعمارنا بخطب وشعارات لا تغني ولا تسمن من جوع.
العمود الثامن: ويسألونك عن الكهرباء؟
نشر في: 15 يوليو, 2012: 07:09 م