عامر القيسيأقال البرلمان في الباراغواي رئيس البلاد فرناندو لوغو من منصبه بعد حجب الثقة عنه على خلفية اتهامه بالتقصير في أداء مهامه. وعين في مساء اليوم نفسه فدريكو فرانكو نائب لوغو رئيسا جديدا للبلاد و بعد يوم واحد من تحريك مجلس النواب اجراءات محاكمته بتهمة التقصير في أداء واجبه.
وللمعلومات فقط فقد أتت الادانة من مجلس الشيوخ متهمين الرئيس بسوء التعامل والادارة خلال اشتباكات مسلحة بين الشرطة والفلاحين الاسبوع الماضي أوقعت 17 قتيلا. بعد ان هاجم أكثر من مئة فلاح عناصر الامن اثناء محاولتهم طرد الفلاحين من أراض استحوذوا عليها بصورة غير شرعية.لوغو لم يتهم الامبريالية العالمية ولا دول الجوار ولم يقل بعد اقالتي ستذهب البارغواي الى الجحيم، ولم يشمر مستشاروه عن سواعدهم ليكيلوا الاتهامات شمالا ويمينا ولم ينظموا استعراضا للقوى لارهاب الاخرين ولم يقل احدهم من باب المزاح بانهم سيستنسخون الرئيس حتى بعد مماته!! بكل بساطة قال لوغو في كلمة أذاعها التلفزيون الوطني: "على الرغم من تحريف القانون، فإنني أقبل قرار الكونغرس، داعيا أنصاره الى الهدوء، واعتبر هذه الاجراءات عبارة عن انقلاب سياسي، حيث جاءت محاكمته كما قال "بصورة مستعجلة وتحت غطاء الليل".هكذا بكل هدوء قبل الرجل قرار البرلمان وطالب انصاره بالهدوء رغم اعتراضه على القرار وعدم قناعته بالمبررات،رغم انه قد طبق القانون على مواطنين استحوذوا على أراض بصورة غير شرعية.هذه الحالة مثلا لم نرها، على سبيل المثال، في احداث 25 شباط في العام الماضي رغم الاستخدام المفرط للقوة وسقوط شهداء وجرحى واصطياد النشطاء من ازقة وشوارع ساحة التحرير وتعرضهم للضرب والابتزاز بل وتزوير هوياتهم، ورغم ان المحتجين لم يمارسوا فعلا مخالفا للقوانين كما هو الحال مع فلاحي البارغواي، ولم يرفع احد منهم سلاحا ولا طالبوا باسقاط الحكومة، ومع ذلك مرت الاعتداءات على المحتجين مرور الكرام.ما يحدث لدينا صورة مغايرة تماما فالمناصب لدينا مقدسة وأي دعوة لحجب الثقة أو للتنحي عن المنصب هي مؤامرة خارجية وأجندة لدول الجوار وحكام جزر الواق واق وتتصاعد اللهجة الى حد التلويح بالحرب الاهلية واعتبار الدعوات طائفية وبسببها تتعطل مصالح البلاد والعباد طولا وعرضا ويدخل الجميع في مارثون للمساومات، فضائحية في بازار المشهد السياسي العراقي وتظهر فجأة ملفات للفساد والاجرام والتعامل مع الارهابيين التي كانت الى وقت قريب مخبأة في الادراج بانتظار اللحظة الحاسمة للانقضاض على الخصوم السياسيين!!ما يحدث لدينا مظهر غير حضاري على الاطلاق ولا يتناسب مع ابتهاجنا بديمقراطيتنا المشلولة والمنحورة على مذبح التوافقات..ما يحدث لدينا صراحة هو استقتال شرس على الكراسي وتشبع تام بثقافة الفرصة وفقدان حضاري للروح الديمقراطية في التبادل السلمي للمناصب وللسلطة..وما نحتاجه هو التشبه بتجربة البارغواي عندما سحبت الثقة من أكبر منصب في البلاد لانه " قصّر في واجبه " وليس انتهاكا للدستور والاتفاقات وغرق البلاد بالفساد المالي المليارديري العجيب وارهاب الآخرين المختلفين بالهمرات!!والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
كتابة على الحيطان: النموذج من بارغواي!
نشر في: 15 يوليو, 2012: 07:40 م