عباس الغالبيتحدث بين الفينة والأخرى بعض الاختلالات في أسعار النفط، وهي محكومة بطبيعة الحال بجدلية العرض والطلب على النفط، مع أن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) تحدد سقف الإنتاج، إلا أن بعض الدول لم تلتزم بهذا السقف مستغلة الفراغ الذي تحدثه بعض الظروف والأزمات والعقوبات الدولية على بعض الدول، لتسعى بإغراق السوق بالنفط ما يؤثر على منظومة الأسعار،
وهذه الحالة لم تكن وليدة الصدفة، بل تعاود في مرات عدة لإغراق السوق بهذا الشكل، غير محكومة بنظرية العرض والطلب.وهذا التذبذب يؤثر بدون أدنى شك على العائدات النفطية التي تمثل الشريان الابهر للمالية العراقية، وبدونها يصاب الاقتصاد العراقي بنوبة قلبية قد تطيح به تماماً، خاصة وان المخططين العراقيين وضعوا سعراً تخمينياً للنفط هو 86 دولارا للبرميل الواحد في موازنة عام 2012 من دون أن يضع في الحسبان هذه الاختلالات في أسعار النفط العالمية والتي تؤثر في حركية وديناميكية الموازنة أولاً ومن ثم الفعاليات الاقتصادية المختلفة ثانياً.وبغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى الانخفاض الذي أصاب الأسعار الشهر الماضي، فأن التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني ستكون كبيرة فيما إذا لم تتحسب الجهات التنفيذية إلى هذا الانخفاض لعدم وجود تنويع في مصادر هذا الاقتصاد الريعي الذي يعيش في وثنية النفط، كما أن حجم الإنتاج والتصدير مازال دون المستوى المطلوب يسير في بطء شديد، ولهذا فأن الأمر يتطلب تحوّطاً كبيراً منعاً للتأثير الكبير الذي قد يطيح بالاقتصاد العراقي.ولابد من الإشارة إلى أن هذا التذبذب قد يؤثر على حجم الفائض المتوقع سلفاً جراء الزيادات الحاصلة في اسعار النفط، حيث تنقلب المعادلة هنا من فائض إلى عجز سيزيد من الهوة بين المصروفات والإيرادات ويجعل الموازنة متأرجحة غير قادرة على تلبية متطلبات المجتمع، خاصة وان جميع الموازنات السنوية السابقة عانت من عجز تنموي قبل أن يكون تخطيطيا بسبب التلكؤ في انجاز المشاريع، وكانت تلك سمة بارزة ولافتة للنظر طيلة الموازنات منذ عام 2004 وحتى الآن، ما يجعل الموازنات مرهونة بالعائدات النفطية.ومن هنا فان الاختلال في سعر النفط وان كان ليس بالظاهرة الجديدة الا انها لم تؤخذ بالحسبان، حيث لابد من وضع بدائل من شأنها التعامل مع المتغيرات وتأثيراتها السلبية عن طريق التخلص من الوثنية النفطية وتحريك العجلة الإنتاجية في الاقتصاد والبحث الدائم عن وسائل ومصادر تمويل اخرى.
اقتصاديات: تذبذب اسعار النفط
نشر في: 15 يوليو, 2012: 08:34 م