TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان:استيقاظ نائب!

كتابة على الحيطان:استيقاظ نائب!

نشر في: 15 يوليو, 2012: 08:51 م

 عامر القيسي يقال إن نائباً من كتلة التحالف الوطني ينوي رفع دعوى قضائية ضد حكومة إقليم كردستان  بتهمة مخالفة الدستور وتصدير النفط إلى تركيا من دون التنسيق مع بغداد. ويتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن "الدعوى سترفع إلى المحكمة الدستورية، وسيتم تقديم مجموعة وثائق ومستمسكات إلى المحكمة المذكورة بشأن تهريب النفط ومشتقات الوقود، إلى جانب مستندات تكشف عن اتفاقية مبرمة بين أنقرة وأربيل لتصدير النفط إلى تركيا".
 برافو جداً .. أصبح لدينا نائب حريصاً على الدستور.. نائب يستيقظ من غفوته العميقة ليكتشف أن الدستور العراقي مصان من الديباجة إلى آخر الكلام.. وحدها حكومة إقليم كردستان انتهكت الدستور انتهاكا فظا، هذا إذا ذهبنا مع ادعاءات النائب المستيقظ حديثا! قبل مناقشة النائب الكريم ينبغي أن يكون واضحا أني لست مدافعا عن حكومة الإقليم ولست محاميا عنها،فهي الأجدر بالإجابة والدفاع في سوح القضاء، لكنني بصدد مناقشة ذكاء السيد النائب المذهل والمحير معا ..ربما لا يعرف سيادته أن مفردة " التهريب" تعني أن شيئا ما ينقل من مكان إلى آخر بصورة سرّية  وفي الغالب تحت جنح الظلام ويسلك سبلا غير قانونية. فهل هذا الحال يتفق مع ما يقوله البرلماني الحريص ؟!كيف يسميه تهريبا "للنفط" في الوقت الذي يقول وزير الطاقة التركي تانر يلدز، إن تركيا بدأت باستيراد النفط الخام من إقليم كردستان بواقع 5- 10 ناقلات يومياً، مشيرا إلى زيادة عدد الناقلات النفطية إلى 100 أو 200 ناقلة، كاشفا في الوقت نفسه عن مباحثات بين أنقرة وأربيل بشأن شراء الغاز الطبيعي من إقليم كردستان.هل هناك حالة أوضح من هذه،فهي " استيراد " وكشف لعدد الناقلات و" مباحثات" أسفرت عن " اتفاقات" للتصدير.. أين هو التهريب، وما هو معيار السيد النائب له؟ إلا إذا اعتبرت معاييره، المجهولة المنشأ حتى اللحظة، أن وزير الطاقة التركي من جوقة "المهربين "! ثم أن الطرق التي تسلكها الناقلات هي نفس الطرق الرسمية وعبر المنافذ الحدودية فضلا عن أن ما يجري ليس زواجا سريا،فعنصر الإشهار واضح لا لبس فيه من الطرفين في أربيل وأنقرة.كم  سنكون سعداء لو أن السيد النائب لم يكن انتقائيا.. لو أنه أدرج بدعوته القضائية كل أشكال الانتهاكات الدستورية.. لو أنه،على سبيل المثال،رفع دعوى قضائية على الحكومة الاتحادية في خرقها الفاضح للدستور في الكيفية التي تعاملت بها مع محتجّي الخامس والعشرين من شباط في ساحة التحرير وهي حالة أقرب إليه من كردستان جغرافيا وسياسيا وربما حزبيا ..لو أن سيادته، على سبيل المثال لا الحصر أيضا،أدرج في لائحته فضائح تهريب النفط من جنوب العراق، وهو تهريب على رؤوس الأشهاد وهو أيضا انتهاك للدستور.. لو أن سيادته يدرج في لائحته الشخصيات التي سكتت وما زالت عن ملفات الفساد والجريمة لسنوات وسنوات لتنفض عنها الغبار وتستخدمها سياسيا متى كان ذلك في مصلحتها  وهي قضية علنية وليست " تهريبية " فكم من الشخصيات من زملاء السيد النائب ومن المسؤولين الحكوميين أعلنوا أن لديهم ملفات للفساد والجرائم يلوّحون بها للكسب الشخصي أو السياسي ولا يقدمونها للقضاء والسلطات المختصة!لا نريد نائبا يستفيق فجأة لـ"يكتشف" انتهاكا للدستور، بل نائبا يشمّر عن ساعديه ويفتح عينيه ويشحذ ضميره وفكره ليرصد كل المخالفات الدستورية دون مجاملة ويعلنها علينا لأن من حقنا أن نعرف نوع السياسيين الذين يقودون هذا العراق إلى الهاوية!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram