علي حسين أخطر ما ابتلينا به في السنوات الماضية هو طبقة من السياسيين لا يعرفون قدر هذه البلاد، سياسيون يتحركون مثل الطواويس، يوزّعون التهم على الجميع، يتوهمون بامتلاكهم الحقيقة، فيما الآخرون مجرد حمقى أو فاسدين أو متآمرين.منذ أشهر والنائب عن دولة القانون ياسين المجيد لم يترك كلمة في قاموسه السياسي إلا ولصقها برئيس البرلمان أسامة النجيفي، فمرة يضعه في خانة الأعداء، وأخرى يتهمه بسرقة إرادة النواب، ووصل به الأمر أن وصف خطابات النجيفي بأنها رسائل حرب ضد العراقيين ،
في تلك الأيام كان السيد ياسين المجيد يخرج علينا مكفهرا مكتئبا من الحال التي وصلت إليها البلاد، اما نحن المساكين فكنا ننظرإليه ونشفق على حجم المعاناة التي يتعرض لها ، لأنه أرغم على أن يعيش تحت سماء واحدة مع النجيفي ، في تلك الليالي ملأ الفضائيات بالأسى، فكل من لا ينتمي إلى تيار دولة القانون فهو من وجهة نظرة باطل، البرلمان، الكتل السياسية المشاركة في السلطة، الإعلام الذي يلاحق المخلصين من أمثاله، كان صوت النائب "ملعلعا" وهو يخوض معركة المصير المقدسة ضد كل من يقترب من سور مكتب رئيس الوزراء. أمس الأول وفي تمام الساعة الحادية عشرة صباحا يزفّ لنا النائب نفسه -ياسين المجيد- البشرى التي انتظرناها طويلا وأرهقنا السهر ونحن نتابع الفضائيات من اجلها، فأخيرا جلس المالكي والنجيفي معا وتصافحا وتهامسا ، وقبّل كل واحد منهم وجنة أخيه، هذا الخبر المفرح انفرد به موقع السومرية نيوز مشكورا حيث جاء فيه "وصف النائب في ائتلاف دولة القانون ياسين مجيد اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة ووفداً من التحالف الوطني ورئيس مجلس النواب بـ"الإيجابي"، مؤكداً أنه "لم يتم التطرق لأزمة سحب الثقة أو الاستجواب". هكذا اذن فبعد مؤتمرات وشعارات لم تحترم عقول الناس، وخطابات اقرب إلى الكوارث التي تريد ان تذهب بنا الى المجهول، ، وبلد يراد له أن يتحول يوم بعد آخر الى دويلات تتصارع من اجل المنافع، وعروض بهلوانية ، تحولت شيئا فشيئا من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة . بعد كل هذا يقول لنا السيد المجيد أن اللقاء بين رئيس الوزراء ورئيس البرلمان كان وديا وايجابيا ، ويريد منا ان نخرج الى الشوارع لنحتفل بهذا اليوم التاريخي المجيد، ولا وان ننام قريري الاعين لان المالكي وافق أخيرا أن يصافح النجيفي .اعرف وكما يعرف الملايين من العراقيين ان الصراع بين المالكي والنجيفي لم يكن بسبب غياب الخدمات والخروقات الامنية والفوضى السياسية، ولم يكن من اجل معالجة ملفات البطالة والكهرباء وسرقة المال العام، بل كان وسيظل من اجل رسم خارطة جديدة للمناصب والمنافع والغنائم ، فالناس تدرك جيدا أن جميع الساسة مشتركون في سرقة أحلامهم ومستقبل أبنائهم ، وتعرف جيدا أن هؤلاء الساسة شركاء في جمعية واحدة مهمتها خداع هذا الشعب وسرقة ثرواته وإثارة روح الانقسام الطائفي فيه، واشاعة الانتهازية والمحسوبية والرشوة والتزوير، والعمل على دفع البلاد إلى هاوية الحرب الطائفية.السيد ياسين المجيد.. لا اريدك ان تتوهم بان العراقيين سيلطمون الخدود ويشقون الصدور لوان السيد المالكي استقال من منصبه، او أن النجيفي سحبت الثقة منه. السيد النائب.. لا تفرح فالبلاد لن تعيش عصور الفوضى لو أن الجميع غادروا مناصبهم ، فقد مللنا من التصريحات المتوترة والمتشنجة والعشوائية، والعيش مع ساسة ومسؤولين بلا مقدرة ولا كفاءة ولا خيال، إلا خيال النهب والتزوير وإثارة الفتن والمحن. لقد بلغت المعركة خلال الشهور الماضية قمتها لدى البعض حين امتشقوا السيوف فجأة معلنين الكفاح ضد ما أسموه الهيمنة والتدخلات البرلمانية فى الشأن الحكومي ، في مشهد يذكرك بوقائع معركة المالكي وصالح المطلك في تفسير مصطلح الدكتاتورية، وفي خلفية المشهد شاهدنا نواباً يطلقون صيحات الحرب في كل الاتجاهات، والنهاية أظنكم تعرفونها، أو أسالوا السيد النائب ياسين المجيد.
العمود الثامن:اسألوا النائب ياسين المجيد!
نشر في: 15 يوليو, 2012: 09:13 م