ثامر الهيمص اعتباراً من الشهر السابع القادم ، سيصرف للمتقاعدين الذين تقل رواتبهم عن أربعمئة الف دينار مبلغ مئة الف دينار حتى نهاية هذا العام ليصار بعدها الى قانون تقاعد موحد مجز. ولكن لم تتم الإشارة الى رواتب منتسبي شبكة الحماية الذين هم أقل بكثير عن السقف المحدد بأربعمئة الف دينار(البالغ عددهم حوالي المليون).
ان التضخم النقدي كالأمراض الوبائية فإنه يفتك بالطبقات الأضعف فأول ضحاياه هم الفقراء البالغ عددهم حسب الإحصائية الرسمية سبعة ملايين عراقي ويمثلون ربع الشعب فهؤلاء هم طليعة من يتصدى لهجوم التضخم النقدي. ( الذي أصبح رقما" صعبا" أو كرة نار تتقاذفها المالية والتجارة والبنك المركزي وهم عاجزون عن ترويضه لحد الان ، فحتى نهاية نيسان الماضي بلغ 7,8 % أي معدل زيادة الأسعار ارتفع كذلك وكان في آذار 3,8%. وكما هو معلوم أن مصادر التضخم الأساسية هي الاستيراد الانفتاحي مع ضعف محدودية التداول النقدي فالاستيراد يتزايد مع تناقص الناتج المحلي، وضعف التداول النقدي يستمر لحد الآن رغم زيادة الكتلة النقدية وهذه المحدودية لها أسبابها الكثيرة حيث يتراكم النقد العراقي في الرافدين والرشيد بالمليارات إن لم يكن أكثر أي نحن في ادخار وليس استثمار. أن أبرز فقرات الاستيراد الذي هو أهم عامل في التضخم النقدي هو استيراد الغذاء الذي يتزايد سنويا" مع تراجع الإنتاج الحيواني والزراعي وهو كذلك يمثل الفقرة الأساسية أي الغذاء في ميزانية فقرائنا السبعة ملايين. ونستورد كذلك المشتقات النفطية بسبب غياب الصناعة النفطية التي عجزت رغم نواياها الحسنة فقد قالت وزارة النفط أنها بصدد دراسة تشكيل لجنة لتدرس إمكانية إنشاء أربع مصاف. ويبدو من تراجع الصناعة النفطية والإنتاج الزراعي والحيواني المرتبط كثيرا" بها ( أسعار الوقود ) لان الكهرباء مشغولة عن ذلك كثيرا". إن الأمر سيتسمر هكذا حتى بعد صدور قانون التقاعد ( المنصف الموحد ) لذلك لدينا فقرات يمكن أن تساهم في إطفاء حريق التضخم الذي سيأكل رواتب البؤساء وهي خفض قائمة كهرباء مولدة الشارع بما يعادل قيمتها قبل دمار الكهرباء وهذا مبلغ ليس بسيطا" لحين إكمال الكهرباء الوطنية أي قبل تصديرها في العام القادم كما أعلن نائب رئيس الوزراء. وهذا دعم حقيقي للدخل النقدي أما الفقرة الثانية التي من الممكن إطفاء لهيبها وهي فاتورة الخلوي الذي أصبح بديلا" كاملا" وبدون منافس فالحد الادنى لأي عراقي من العشرين مليون مستخدم يدفع ( 10 ـ 15 ألف دينار ) لذلك فتخفيض هذا المبلغ يساهم مباشرة في الحد من شر التضخم في الأغذية وباقي السلع لحين إكمال الهاتف الأرضي . فهذه العشرة الاف دينار تمثل 10% من راتب الأرملة وفاتورة المولدة تمثل على الأقل 20% وهكذا تقريبا" أو أقل قليلا" في الرواتب الاقل عن أربعمئة الف دينار.فلا فائدة من زيادة يلتهمها غول التضخم الذي تغول مع الاعوام التسعة الماضية بسرعة قياسية. فزيادة 1% من سلة الغذاء عالميا" تقود الى ارتفاع 34 ـ 50 % في العراق كما يذكر نائب محافظ البنك المركزي (مجلة حوار عدد/31 في أيار 2012 ) والغذاء العراقي 89 % منه مستورد حسب إحصائيات وزارة الزراعة. في الختام إن هذا الزحف في التضخم سيطال شرائح أوسع وأعلى. وينتظمون في لأئحة الفقر. اذا لم يحصل تغيير دراماتيكي في الاقتصاد والسياسة ، نحو تنمية حقيقية بأدوات نظيفة.
فضاءات:التضخم ورواتب المتقاعدين وشبكة الحماية
نشر في: 16 يوليو, 2012: 07:06 م