TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق :وقتلوا الشاعر الأنيق

سلاما ياعراق :وقتلوا الشاعر الأنيق

نشر في: 16 يوليو, 2012: 07:42 م

 هاشم العقابي عندما اغتيل هادي المهدي عرفنا، نحن أصحابه في الأوساط الأدبية والثقافية والإعلامية، أن اغتياله كان رسالة من القاتلين خصّونا بها أكثر من غيرنا. الرسالة وان لم تكن مكتوبة لكنها مفهومة: “سنقتل كل من يخالفنا الرأي”. وفعلا كان هادي المهدي أول قتيل رأي بالعراق بعد "التغيير".
باب الاعتراف المر بالحقيقة أقول إن من قتل هادي المهدي نجح بزرع الرعب في قلوب الكثير منا. فالقاتل، وبزمن قياسي، نجح في بث الحياة برائحة الرعب الصدامي من جديد.  لقد كان اغتيال هادي بداية فصل جديد من الاغتيالات " النوعية"، لذا أصبحنا نتوقع الأسوأ  كل يوم، واضعين أيدينا على قلوبنا خوفا على أصحابنا الذين يعيشون بالعراق. كنا إلى حد قريب لم نعهد سماع أصوات شعرية تنبه السلطة الحاكمة الجديدة إلى أخطائها وتقصيرها بحق الناس والوطن. لكن بعد أن أمعنت حكومة "أم الثقة" بالانشغال بكيفية البقاء مدة أطول على كرسي السلطة تاركة الناس والوطن خلف ظهرها، ظهرت قصائد مهمة لشعراء انتقدوها لتقصيرها في توفير الخدمات والأمن وفرص العمل وتخليص البلاد من آفات الفساد التي استفحلت. من بين أشهر تلك القصائد كانت قصيدة "أسرار الوطن" للشاعر لبيد هاني الذي لقبه الروائي عبد الستار ناصر بـ "الشاعر الأنيق والنواب الجديد". والشاعر نفسه يقول عن قصيدته بأنها: "مشاركة مني مع الشعب العراقي للتظاهر والمطالبة بإيقاف العنف والدمار وكشف ما يجب كشفه منذ فترة طويلة". ولأنه دعا لمثل ما دعا إليه هادي المهدي، قتلوه. قرأت خبر قتله في رسالة وصلتني يقول عنوانها "اغتيال الشاعر العراقي الشيوعي لبيد هاني بعد قصيدة (إسرار الوطن) التي انتقد فيها الحكومة". ولكي أتأكد من الخبر وتفاصيله ضغطت على الرابط الذي أرسل لي فوجدت الموقع معطلا. بحثت في الغوغل فوجدت الخبر ذاته على موقع آخر. حاولت فتحه فوجدته معطلا هو الآخر. لم يقتلوك، فقط، يا لبيد، بل قتلوا حتى مواقع نشر خبر قتلك. يبدو أن طريقتهم "الجديدة" في القتل ستكون على قاعدة "كص راس واكطع خبر"!ورغم الحزن والرعب اللذين غمراني بهذا الفصل الشعري الجديد من الاغتيالات تمكنت من العثور على خبر على الفيسبوك يقول: " أعلن مصدر مقرب من الشاعر العراقي لبيد هاني اغتياله في بغداد الكرادة بعد انتشار قصيدته التي انتقد فيها الحكومة العراقية والتي غنيت بصوت الفنان العراقي حسام الرسام بعنوان (أسرار الوطن). وقال المصدر إن الشاعر لبيد هاني كان من المعارضين جدا لحكومة البعث وحكومات بعد 2003 لأنه شيوعي الأفكار وينتقد وجود الديكتاتورية والإسلاميين في الحكم. وذكر المصدر أن مجهولين يستقلون سيارات رباعية الدفع أطلقوا النار من مسدسات كاتمة الصوت واستقرت طلقاتهم في رأس هاني الذي توفي في الحال".من قال إنهم مجهولون؟ والله إنهم مكشوفون. أعزّي العراق بك يا لبيد، قبل أن أعزّي نفسي وباقي الأصدقاء. ويؤلمني أيها الشاعر الشجاع  أن صار القتلة يجيدون اختيار أهدافهم  فاختاروك كما اختاروا صاحبك هادي من قبلك. أبلغه سلامنا حين تلقتيه.سلام عليكما يوم ولدتما ويوم صدحتما بالحق ويوم قتلكما الجبناء غدرا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram