TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مسرحية حروب..قراءة على هامش الدراماتورجيا

مسرحية حروب..قراءة على هامش الدراماتورجيا

نشر في: 16 يوليو, 2012: 08:02 م

أ.د. يوسف رشيد بعد أن صار من الطبيعي أن تأخذ دورة الاستبداد في الطبيعة دورتها وفعلها الحتمي في مسارات التاريخ المعاصر، حتى صار ما تقدمه من معطيات في سحقها لإنسانية الإنسان يومياً وبصيغة الممعن في الإذلال فقد بان هذا الواقع يفرض ثيماته الدرامية على المشهد الثقافي وفي تمظهراته التي وضعت المسرح اليوم امام خيارات
 تزداد صعوبة كلما توغلنا في ملامسة الوقائع وتشكلاتها في الفقر والجوع والعوز والامتهان وسط محرقة ازلية، ولعل هذا ما جعل المسرح اليوم ان يكون ملاذاً لعقول مبدعة يدفعها التوجع، للاشتغال على هذا المشروع، وهكذا فان خطاب (ابراهيم حنون) ومجموعة (حروب) يندرج تحت كونه خطاباً يهجس بالاشتغال على اليومي الثقافي الذي يحاول التصدي الى ({اس) الاستبداد وليس ما يفرزه من تفاصيل يمكن ان تثير حفيظة هذا وذاك.ففي زمن الحروب ليس هناك رابح، فالكل خاسر غير ان جشع الذات واستبدادها يجعلها تستمرئ القتل والدمار، لا بل تتلذذ بجلد الآخر وتنسى أنها حبيسة جلد آخر، هو سجن الذات المستبدة التي حجب عنها ان ترى ضوء الحرية او تتأمل في آفاقه، وبالتالي ليس بمقدورها أن ترى افقاً مستقبلياً رحباً لا لها ولا للآخرين، هكذا فقد حاول (حنون) ان يمسك بالعصا من وسطها ليلوح من بعيد الى الاشياء مستعيناً بحاملات العلامات ليسبر اغوار البنى العميقة التي انطوت عليها شذرات الحوار، والتماعات الفعل والتشكيل الحركي، اذ تمظهر هذا الامساك بالعصا فيما عول عليه في تشييد المنطوق الجمالي للعرض واصطراعه في مسافة جمالية من تراكمات التلقي المعبئة باتجاه الانجرار وراء التفسيرات الفئوية والعنصرية والطائفية، فالعرض يعيد رسم تبادلية الأدوار بين الجلاد والضحية تحت سلطة اللا امل ينتظر.بتشييد خطاب يقترب من المألوف في مباشرته التي قد لا تضيف جديداً على مستوى الحياة إلا أن تناولها ومسرحتها بشكل إبداعي قد يقدم زخماً للوعي بالرمز على المسرح، وبالتالي يسهم في اثراء الخارطة العلامية التي تشير بعد تفكيك بناها الجديدة الى إدانة لا بد منها، وهذا الفعل يقع في صلب مهمات المسرح الذي نريد، والذي يضع اليد على الوقائع المسكوت عنها، بعد أن تعاظم السكوت بفعل القمع والتصدي.. فكائنات العرض قد تشكلت من تماثل لمجموعة بشرية اختلفت على الرغم من وحدة قناعها الذي يوحي بوحدة الشكل، فالمعادل البشري للإخراج توافق مع معادل صوري جمالي رغم انه تراوح بين القصدية والتلقائية الإبداعية، إلا انه ظل معبراً ومشيداً بوعي ينم عن قدرة عالية الاستنفار في استثمار طاقة التشكيل الجسدي في الفضاء، وبالتالي الاقتصاد الملائم في المفردة التي شكلت ما اعتدنا تسمية بالرمز الفلسفي الأساس (Master Sample) والذي اشتغلت بتوظيفات متعددة حققت قوة التواصلية بين معطيات سينوغرافيا العرض وميزانسينات الإخراج المثقفة، حيث تم توظيف التتابعات الجمالية بإيقاعية شكلٍ وأداء منضبط ينم عن دراية عالية – تحقق من خلالها ذلك التوافق المنشود من فلسفة الحركة عبر الاعتماد الموفق على العلاقات بين الذات والرمز الأساس (الكرسي) حيث ثمة أجسام ترسم المعادل الصوري للضحايا في هذا الموت الجماعي والمجاني في أزمنة الطغاة عند تراكمها، ثم تعود لتمثل شارعاً هو ميدان الجريمة، وفضاء التظاهر ثم المواجهة، والاستبداد والانغلاق، أفاد المخرج من ثنائية التزامن والتعاقب التي طورها البنيويون في الاشتغال على زمن حركة العناصر في بنية الشكل، اي زمن انتظامها في اطار البنية، وبالتالي وجد نفسه أمام هذه الحركة لعناصر العرض ومن غير قصد أمام ضرورة الاشتغال على خلخلة زمن البنية للعرض بالتعاقب الذي صار يفكك ويعيد ترتيب عناصرها بانفتاح البنية على الزمن.وهذا وعي بالحتمية العلائقية بين العناصر المتعاقبة في العرض وكيف يمكن لعناصر الشكل أن تحقق الإحلال والإبدال بين العناصر من خلال الزمن في العرض من جهة وعرض الأزمنة من جهة أخرى.اتجه المخرج (ابراهيم خنون) هذه المرة بشكل قصدي اكثر من عروضه السابقة صوب صياغة اللقطة التشكيلية السينمية وكادر التلفاز وخطوط تشكلاته ليعمق هذه الاستعارة الجمالية بالدلالات التي ساهمت في إثرائها مفردة العرض (الكرسي) والتي كان من الممكن ان تستنفد طاقتها التعبيرية والدلالية منذ استخدامها الاول بوصفها دالة ايقونية على السلطة او الجلاد ولكن تعددية الاستخدامات جعلت من تقابلها مع الضحية صورة الشعب الذي يساق صاغراً على الدوام نحو إذلاله، شكل قطبي رحى لتبادلية أزلية استمرت عبر الأزمنة التي حاول العرض أن يتصدى لها مطلقاً أصابع الاتهام صوب الذات أياً كان نوعها، فالفضاء الذي يصنع الدكتاتوريات هو الاخر فضاء مدان مثل مقبض السيف (لا لان القتل محظور ولكن الذي يمسك بالسيف جبان) وهذه واحدة من الفرضيات ربما، اذ تعرض فكر النص الى ازمة بات يعاني منها مجتمعنا وربما جميع الشعوب التي تناظره، وهي فكرة المسؤول وقيادة البشر عبر وعي المسؤولية، وعبر وعي المسؤول نفسه والتي باتت فكرة حاكمة وهذا ربما ما ترتبت عليه إشارات دراماتورجيا العرض للناقد (جبار حسين صبري) والتي ركز فيها على إلغاء فكرة المواطنة وتراتبات (أنا الأعلى وأنت الأسفل) وسيادة النزعة الشمولية (عندما يكتب التاريخ بقلم الأنا التي تستعبد كل أنت)، وع

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram