عامر القيسيقبل الدخول في تفاصيل الموقفين العراقيين من الثورة السورية الشجاعة، أود أن أطرح سؤالا واضحا لا تتطلب الإجابة عليه البحث في الطلاسم والزوغان في المفردات الملتبسة وهو: هل هناك إنسان سويّ على وجه الكرة الأرضية لا يدين الجرائم التي ترتكب بحق أي شعب من الشعوب؟
الإدانة وحدها غير كافية،فهي في النهاية موقف إنساني لأن القتل مدان منذ أول جريمة حدثت في التأريخ البشري وهي مقتل هابيل على يد أخيه قابيل، الشجاعة والجرأة والموقف التأريخي يحددهما أن تكون إدانتك مشفوعة بتوجيه الاتهام إلى الجلاد لا التغليس عنه لاعتبارات لاعلاقة لها بالموقف الإنساني من الجرائم عموما.جاء في نص بيان لرئيس الوزراء نوري المالكي " أثارت المجزرة البشعة التي وقعت أخيرا في بلدة التريمسة التابعة لمحافظة حماة السورية مشاعر القلق والاستنكار، وينبغي أن تشكل هذه الجريمة المنكرة التي ندينها ونستنكرها بشدة من أي جهة صدرت حافزا إضافيا للجميع لترك منهج العنف والقتل والانتقام والإرهاب في حل المشاكل. " إذن إنها إدانة " من أي جهة صدرت "! لاجلاد ولا ضحية فالجميع مشتركون في منهج العنف والقتل والإرهاب، وهي صيغة يقولها النظام البعثي الأسدي في أعلامه ولا تثيره كثيرا، وفعليا هي نافعة له.. والأسئلة التي أود أن أوجهها للسيد المالكي: ماذا سيكون رأيه لو أن كائنا ما قال في الزمن الصدامي " ندين ونشجب ونستنكر المقابر الجماعية في العراق من أي جهة صدرت "! هل كان السيد المالكي سيستوعب رأيا إبان الانتفاضة الآذرية عام 1991 يدين القتل الجماعي " من أي جهة صدرت؟" ألا كان سينزعج من المخاوف التي أبدتها دول الجوار من صعود الأحزاب الشيعية إلى السلطة بديلا عن صدام حسين، وهي نفس المخاوف التي يبديها المالكي من صعود قوى دينية سنية بديلا لبشار وهي مخاوف مغلفة بعناوين القاعدة والتطرف؟!الموقف الثاني..جاء في بيان للتحالف الكردستاني "أن ما يحدث في سوريا من قتل للمدنيين في عدد من المدن السورية من قبل نظام دمشق يشابه ما حدث في كردستان في أحداث الأنفال وغيرها عندما قتل الآلاف من المدنيين العزل ودمرت المدن في ظل صمت دولي وعدم تدخل حازم." وقال النائب في مجلس النواب العراقي عن التحالف الكردستاني سعيد رسول خوشناو إن"هذا الصمت الذي يتخذه العراق ودول المنطقة والمجتمع الدولي والمنظمات والأمم المتحدة مقابل ما يقوم به النظام وقواته في سوريا ضد الشعب هي وصمة عار في جبين كل الصامتين إزاء ما يحدث في سوريا" .موقف واضح وصريح ومنحاز بالكامل إلى قضية الشعب السوري، رغم أن الكرد، وهم مشاركون أقوياء في الثورة، يتعرضون لنوع من التهميش والإقصاء من بعض قوى المعارضة الإسلامية والشوفينية، ولا يكتفي البيان بإدانة نظام دمشق وإنما إدانة الحكومة العراقية على صمتها المسبق الصنع والمبني على حسابات ضيقة وتأثيرات إقليمية لا تقبل الجدل!ماهو شكل ونوع الرهان القائم على بشار الأسد؟ وماهو نوع الرهان على التغيير القادم في سوريا عاجلا أم آجلا؟ منطق الحياة وتطورات الوضع في المنطقية يشيران إلى أن الرهان الأول بائس بل وغبي ويعبر عن قصر نظر في فهم تطور الاحداث، فيما الرهان الثاني منطقي وإنساني واستشرافي ومن مصلحة العراق غيرالطائفي ، فأحجار الدومينوا ابتدأ تساقطها وليس أمام محترفي السياسة لدينا إلا أن يقرأوا التأريخ جيدا!
كتابة على الحيطان: موقفان عراقيان.. مجازر بشار نموذجاً!!
نشر في: 16 يوليو, 2012: 08:43 م