علي وجيهلم يبقَ لنا ، كقرّاء و مثقفين و كتّاب إلا أسمال أماكن تجمعنا ، لا تتعدّى أصابع اليد الواحدة ، من ضمنها شارع المتنبي..وللأسف ، بدأ الشارعُ يضيقُ على روّاده حين اقتربتْ منه رائحة السياسة ، بدءاً بالـ"مدجّجين" الذين يأتون مع السيد المحافظ د.صلاح عبد الرزّاق ، والذين يسوموننا سوء التفتيش أسبوعيّاً حين نتحرّك باتجاه (مرسى) لنقيم فعّالياتنا ، بالإضافة إلى زيارات بعض السياسيين الدوريّة ، وبالطبع لا يأتون لا لشراء كتاب ،
ولا للنقاش مع مثقف ، ولا للجلوس في قيصريّة حافظ ، وبالطبع لم يتقصّدوا البحث عن كتابٍ مُستنسخ لدى كريم حنش ، و لا الوقوف قرب مازن لطيف وبسطيّة دار الجمل لكن شارع المتنبي أصبح من الإكسسوارات التي يحتاجها السياسيّ، كي يُقال بأنّ له اهتماماً بالثقافة، وبأنّه لا ينام إلاّ والكتاب على صدره، بينما أغلبهم لا يجيد الكلام لـ 10 دقائق دون أن يُخطئَ باللغة ، ولكم أن تتذكّروا تصريح أحد "وزراء الدولة لشؤون الـ....." وهو يقول :"...والتقينا ضخامة الرئيس في جلسةٍ ناقشنا فيها إلخ !"...مسألةٌ غريبة !...الأغربُ من هذا ، أن يظهر النائب " الشاعر"، صاحب درجة الدكتوراه في الأدب ! ، علي الشلاه وهو يصرّح في قناة الرشيد التصريح الآتي :" "شارع المتنبي يعد اكبر مقبرة للملكية الفكرية في العالم، لاني اشتري الكتاب من لندن او بيروت بـ 25 $، ويباع في بغداد بـ 2$".أجدُ هذا التصريح ، مُستَفِزّاً وبشدّة للكثير من الشباب ، و الشعراء ، والقرّاء ، وسواهم ، لأنّ هذا التصريح يجبرك – بسرعة البرق – على أن تفكّر بين دخلك وبين دخل د.علي الشلاه ، الذي يشتري الكتب ذات سعر الـ 25$ ، بينما هذا الرقم : يجلب لك أكثر من 7 كتب من مكتبة كريم الحنش ، قدّس الله أنامله التي تنقل الكتب لأحضاننا بأسعار مُناسبة!...يا زميلي في الشعر ، ويا أيّها النائب عنّي – كمواطن ومثقف – في مجلس النوّاب "رغم عدم مشاركتي بأيّ انتخابات مُنذ أن عبرتُ الـ 18 عاماً !] ، قبل أن تتحدّث عن الملكية الفكرية ، و عن وجوب كون الكتب بذات أسعار بيروت ، تذكّر أنّ الكثير من الشباب يأتون إلى المتنبّي بجيوبٍ فارغة ، وبعيون يسيلُ لعابها أمام العناوين المُغرية...يا زميلي ، الثمانينيّ ، هذا الشهر بقيتُ واقفاً لوقتٍ طويل أمام كتاب د.شاكر لعيبي (تصاوير الإمام علي) دون أن أستطيع شراءه ، لأنّ سعره ببساطة : 25 $ ، أتمنى منك أن تشتريه ، فهو كتابٌ مهم ، وأن تقرأه وتهدي ثواب قراءته لمرتّبي الذي لن يصل لمنتصف الشهر ولو انطبقت السماوات على الأرض !...انظرْ لجيوب الشباب قبل جيبك ، فالشاب صاحب الجيب الفارغ هو ذاته الشاعر الذي يزور (مرسى) وصاحب مشروع (أنا عراقي أنا أقرأ) وهو نفسه الذي يسيرُ مشياً من شارع المتنبي وصولاً للباب الشرقي عبر شارع الرشيد ! ، الشاب الذي ينظر لمؤلفات نيتشه " ذات الـ 5 $"كما ينظر محرومٌ لفخذ امرأة جميلة ، الشاب الذي يمتلئُ كومبيوتره بكتب الكترونية لأنّه لا يمتلكُ ثمنها ورقياً...وختاماً ، ومن مكتبتكَ الكريمة ، أرغبُ في استعارة الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر محمود درويش الصادرة عن دار رياض الريّس بـ 6 مجلّدات إنْ وجدت ، لأنّ سعرها 100$ فقط! ، علماً بأننّي – وحقّ والدي – لم أسرق أو "أغلّس" كتاباً من أحد طوال حياتي..!.
عتاب مع نائب شاعر وطلب استعارة!
نشر في: 17 يوليو, 2012: 07:55 م