TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > نص ردن:حلال المشاكل

نص ردن:حلال المشاكل

نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:27 م

 علاء حسن بالملبس أي الحامض حلو  وأصابع العروس وحفنة من الزبيب كانت  الأمهات يوزعن أمام  المراقد الدينية هذه المواد تعبيرا عن فرحهن بحل المشاكل ، هي لا تتعدى الخروج من أزمة عائلية أو إيفاء دين  ثقيل ، وإنجاب طفل بعد زواج استمر عدة أعوام .
 الأمهات اللواتي ابتلين بانتماء أبنائهن لتنظيمات سياسية معارضة للأنظمة ، لم ينقذهم الزبيب من خروج الأبناء من سجون نقرة السلمان  والكوت والرمادي ، وفي ما بعد معتقل الحاكمية  التابع لجهاز المخابرات، فمصير المعتقلين يظل مجهولا لحين حصول الفرج ، بانقلاب عسكري أو باحتلال أميركي ، وبعد سقوط النظام السابق ،  هناك من أكد العثور على معتقلين في سجون سرية ،  أسعفهم الحظ  أو المصادفة من أن يكونوا ضمن ضحايا المقابر الجماعية .الحزن المتجذر في العراق منذ عشرات السنين مبعثه الصراع السياسي بين الأحزاب العاملة في الساحة العراقية للوصول إلى السلطة ، ومن حقق أهدافه استخدم مكانة التصفية  والملاحقة بحق الخصوم لإحباط محاولات  من يتطلع لتحقيق الديمقراطية ، والتداول السلمي للسلطة ،  وجعل الشعب العراقي يعيش مثل  "بقية الاوادم " ، وهذه الأمنيات لم تتحقق،  فارتسمت ملامح الخيبة والحزن والنكد على وجوه الأمهات ، وغادرن الحياة قبل أن يشهدن إقامة النظام الديمقراطي في العراق ، وعلى فرضية أن بعضهن توفرت لهن فرصة العيش لحين حصول التحول التاريخي  ومواكبة ما جرى من أحداث بعد  التاسع من نيسان في العام ألفين  وثلاثة ، فسيلجأن  بلا شك إلى تقديم النذور ،   وتوزيع "حلال المشاكل" عسى أن  يلتفت القادة السياسيون لمصالح شعبهم ويقررون تجاوز الأزمة رحمة بالشعب  العراقي ، الذي  يدفع هذه الأيام ضريبة  الخلاف بين الأطراف المشاركة في الحكومة ،  ويتحمل أعباء  سماع  تصريحات  على مدار الساعة تتمحور حول دعم الزعيم الفلاني ، واتهام رئيس كتلة أو أمين عام حزب بتنفيذ مخطط لقلب النظام السياسي .الصراع لم يقتصر على التصريحات عبر وسائل الإعلام ،  بل امتد إلى الشارع والتجمعات العشائرية ، والقواعد الشعبية ، فاشتعل الضوء الأحمر خوفا على تهديد السلم الأهلي من حماقات أطراف قد يدفعها التشبث بالسلطة ، إلى إثارة العنف  تحت شعار الدفاع عن مصالح المواطنين بالحفاظ على  ما حققته الحكومة المنتخبة من مكتسبات تاريخية ، وانتصارات كبيرة.المجتمع الدولي أبدى قلقه من استمرار الأزمة،  وأعربت  دول معنية بالشأن العراقي مخاوفها على مستقبل الديمقراطية ، والخوف والقلق مشروع خصوصا،  حينما ينطلق من الأصدقاء  الحريصين جدا على استقرار الأوضاع ، وهذا الموقف عبرت عنه المراجع الدينية كافة ، وحذرت من  تفاقم الخلاف بين القوى العراقية المؤمنة بشكل حقيقي بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، واحترام الدستور ،  والأزمة الحالية لاتحتاج إلى هذا الكم الكبير من التصريحات اليومية،  وتبادل الاتهامات لأن العراقي تأقلم مع الأزمة لأنها امتداد لكوارث سابقة ، أطرت التاريخ الحديث بمصائب لها بداية وليست لها نهاية ، وحلال المشاكل مجرب من قبل الأمهات بأنه لايعالج الأزمات السياسية ، وإنما قد يهدي المسؤولين والساسة لاحترام إرادة شعبهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram