علاء حسن بالملبس أي الحامض حلو وأصابع العروس وحفنة من الزبيب كانت الأمهات يوزعن أمام المراقد الدينية هذه المواد تعبيرا عن فرحهن بحل المشاكل ، هي لا تتعدى الخروج من أزمة عائلية أو إيفاء دين ثقيل ، وإنجاب طفل بعد زواج استمر عدة أعوام .
الأمهات اللواتي ابتلين بانتماء أبنائهن لتنظيمات سياسية معارضة للأنظمة ، لم ينقذهم الزبيب من خروج الأبناء من سجون نقرة السلمان والكوت والرمادي ، وفي ما بعد معتقل الحاكمية التابع لجهاز المخابرات، فمصير المعتقلين يظل مجهولا لحين حصول الفرج ، بانقلاب عسكري أو باحتلال أميركي ، وبعد سقوط النظام السابق ، هناك من أكد العثور على معتقلين في سجون سرية ، أسعفهم الحظ أو المصادفة من أن يكونوا ضمن ضحايا المقابر الجماعية .الحزن المتجذر في العراق منذ عشرات السنين مبعثه الصراع السياسي بين الأحزاب العاملة في الساحة العراقية للوصول إلى السلطة ، ومن حقق أهدافه استخدم مكانة التصفية والملاحقة بحق الخصوم لإحباط محاولات من يتطلع لتحقيق الديمقراطية ، والتداول السلمي للسلطة ، وجعل الشعب العراقي يعيش مثل "بقية الاوادم " ، وهذه الأمنيات لم تتحقق، فارتسمت ملامح الخيبة والحزن والنكد على وجوه الأمهات ، وغادرن الحياة قبل أن يشهدن إقامة النظام الديمقراطي في العراق ، وعلى فرضية أن بعضهن توفرت لهن فرصة العيش لحين حصول التحول التاريخي ومواكبة ما جرى من أحداث بعد التاسع من نيسان في العام ألفين وثلاثة ، فسيلجأن بلا شك إلى تقديم النذور ، وتوزيع "حلال المشاكل" عسى أن يلتفت القادة السياسيون لمصالح شعبهم ويقررون تجاوز الأزمة رحمة بالشعب العراقي ، الذي يدفع هذه الأيام ضريبة الخلاف بين الأطراف المشاركة في الحكومة ، ويتحمل أعباء سماع تصريحات على مدار الساعة تتمحور حول دعم الزعيم الفلاني ، واتهام رئيس كتلة أو أمين عام حزب بتنفيذ مخطط لقلب النظام السياسي .الصراع لم يقتصر على التصريحات عبر وسائل الإعلام ، بل امتد إلى الشارع والتجمعات العشائرية ، والقواعد الشعبية ، فاشتعل الضوء الأحمر خوفا على تهديد السلم الأهلي من حماقات أطراف قد يدفعها التشبث بالسلطة ، إلى إثارة العنف تحت شعار الدفاع عن مصالح المواطنين بالحفاظ على ما حققته الحكومة المنتخبة من مكتسبات تاريخية ، وانتصارات كبيرة.المجتمع الدولي أبدى قلقه من استمرار الأزمة، وأعربت دول معنية بالشأن العراقي مخاوفها على مستقبل الديمقراطية ، والخوف والقلق مشروع خصوصا، حينما ينطلق من الأصدقاء الحريصين جدا على استقرار الأوضاع ، وهذا الموقف عبرت عنه المراجع الدينية كافة ، وحذرت من تفاقم الخلاف بين القوى العراقية المؤمنة بشكل حقيقي بمبدأ التداول السلمي للسلطة ، واحترام الدستور ، والأزمة الحالية لاتحتاج إلى هذا الكم الكبير من التصريحات اليومية، وتبادل الاتهامات لأن العراقي تأقلم مع الأزمة لأنها امتداد لكوارث سابقة ، أطرت التاريخ الحديث بمصائب لها بداية وليست لها نهاية ، وحلال المشاكل مجرب من قبل الأمهات بأنه لايعالج الأزمات السياسية ، وإنما قد يهدي المسؤولين والساسة لاحترام إرادة شعبهم .
نص ردن:حلال المشاكل
نشر في: 18 يوليو, 2012: 07:27 م