عدنان حسينربما لا أحد في العراق يعرف الدكتور محمد السميران، وليس مطلوباً من أي عراقي أن يكون على معرفة بهذا الرجل الذي هو ليس بعراقي ولا علاقة له بالعراق والعراقيين من قريب أو بعيد باستثناء الرابطة القومية البعيدة بعرب العراق.
لكنني مع هذا أرغب في أن يتعرف كل العراقيين على هذا الأردني المتحدر من قرية دير الكهف في محافظة المفرق والخبير في شؤون الطاقة والبيئة الذي لم أعرفه من قبل وعندما تعرفت عليه أول من أمس على ظهر طائرة أردنية وجدت فيه مثالاً قوياً للوطني المحب لوطنه وشعبه، ليس بالشعارات الرنانة وانما بالأعمال التي تُعرّف عن نفسها وأصحابها من دون أي جلبة.الدكتور السميران، وهو مدير مركز بحوث الطاقة في جامعة آل البيت وموظف سابق في مركز بحوث وتطوير البيئة، قابلته على أحدى صفحات صحيفة "العرب اليوم" الأردنية التي حكت قصة نجاح وطنية حققها. ويبدأ الفصل الأول للقصة بمبادرة للأمير الحسن بن طلال يوم كان ولياً للعهد في الأردن، حيث ساعد إحدى عشائر البدو في التوطن في روضة البندان بمنطقة المفرق، في إطار مشروع خاص بتوطين البدو الرحل. لكن الفصل الأهم في القصة يبدأ بوصول الدكتور السميران الى المنطقة في أحد أيام العام 2001 مدفوعاً برغبة لمساعدة السكان في توفير النور لهم بعد تعذر ربط منطقتهم بالشبكة الوطنية لإنتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية، فقد أقنع عدداً من المؤسسات والدوائر الوطنية بإنشاء مشروع في المنطقة لتوليد الطاقة من الشمس، كان هو المشروع الأول من نوعه في الأردن. والآن ينعم أولئك الذين كانوا بدواً رحلاً بنور الكهرباء ومتعة الحياة مع التلفزيون والمراوح والثلاجات وسواها.ما لنا وروضة البندان وبدوها السابقين ومشروع الطاقة الشمسية وصاحبه الدكتور محمد السميران؟بالتأكيد ان مثل الدكتور السميران يوجد العشرات وربما المئات في العراق الذي يكابد من أقصاه الى أقصاه (باستثناء محافظات إقليم كردستان) من محنة الكهرباء التي صارت مزمنة وتبدو كلعنة أبدية حلّت بالعراقيين ولا فكاك منها.كل العراق، أو في الأقل نصفه أو ربعه، يمكن إنارته بالطاقة الشمسية ما دام توليد الكهرباء بالغاز والنفط غدا أمراً مستحيلاً بفضل الفَسَدة في أجهزة الدولة، العليا خصوصاً، الذين يصرون على تحويل حياة العراقيين الى جحيم.بهمة عالية وحماسة مفرطة تستورد لنا دولتنا السلع الرديئة والمغشوشة والفاسدة، من الإبرة الى الزيت والسيارة، من شتى المناشئ، فما رأي القائمين على هذه الدولة أن يوقفوا هذه المستوردات لسنة واحدة والاتجاه بدلاً من ذلك لاستيراد خبراء في شؤون الطاقة، بما فيها الطاقة الشمسية، من أمثال الدكتور محمد السميران، اذا كان متعذراً على دولتنا استنهاض الهمم والخبرات والكفاءات الوطنية لحل معضلة الكهرباء التي تتفاقم الصيف بعد الآخر برغم وعود الحكومة في كل شتاء وربيع بان الصيف اللاحق سيشهد انفراجاً في هذه المعضلة، حتى اذا جاء الصيف كانت قد بلغت ذروة جديدة.الدكتور محمد السميران يعيش على مرمى حجر من مقر سفارتنا في العاصمة الاردنية فلماذا لا نستضيفه ونطلب مساعدته؟.
شناشيل: مثال أردني لنا
نشر في: 18 يوليو, 2012: 09:00 م