TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر:تفاصيل مهربة من حقيبة وزير

عالم آخر:تفاصيل مهربة من حقيبة وزير

نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:22 م

 سرمد الطائي رغم أن لدينا عشرات الوزراء السابقين والحاليين، ومعظمهم يعارض طريقة رئيس الحكومة في إدارة الدولة، إلا أن المعلومات التي تتسرب عن جلسات مجلس الوزراء وهي الأكثر حساسية في إدارة البلاد والعباد، لا تزال نادرة. لا أحد يتكلم بوضوح ولا توجد تفاصيل وافية تجعلنا نعرف ماذا يدور كل يوم ثلاثاء حين يجتمع رئيس حكومتنا مع طاقمه.
وفي بعض اللقاءات النادرة التي تتاح مع مسؤول تنفيذي، أحاول أن استنطق كصحفي، ويأخذ هو برفض التصريح. أتعهد بعدم ذكر اسمه، فيبقى يشك ويشك ويمارس الحذر. وقد كنت قبل بضعة أيام في ضيافة رجل حصيف ونبه، وهو وزير سابق حمل حقيبة مهمة. جرجرناه وجرجرنا، وقال أشياء وكتم أخرى، وكان في حديثه أشياء أخشى أنا نفسي أن أفشيها.كلنا نخشى إذن يا سيادة الوزير. لكن دعنا نتكلم فيما لا نخشاه.. كيف كانت تدار الأمور في مجلس الوزراء، وما هي الاعتراضات الكبرى على طريقة رئيس الحكومة في إدارة الدولة؟تأتي التفاصيل قطرة قطرة.. يقول إن "أزمة التواقيع" التي حصلت في ملف سحب الثقة، هي أزمة دائمة في مجلس الوزراء. ذلك أن السيد نوري المالكي حين يطلب من الوزراء أن يقوموا بالتوقيع على قرار، يكتشف أن ثلاثة أو أربعة منهم غائبون، واحد في سفر واللآخر لطارئ وثالث لمرض..الخ. فيقوم هو أو احد معاونيه بالتوقيع نيابة عن الوزير المتغيب. وكثيرا ما تحصل مشاكل في الجلسة اللاحقة حين يستنكر الوزير أن هناك من قام بالتوقيع بدلا عنه.وكما يقول الوزير فإن مشكلة التوقيع على القرارات داخل مجلس الوزراء كبيرة جدا. فحتى الوزراء الحاضرون يجدون أنفسهم في مأزق حين يطلب منهم السيد نوري المالكي أن يوقعوا على قرار مهم. يوضح الوزير: من عادة المالكي أن يطرح الأشياء الأكثر أهمية، في آخر خمس دقائق من الاجتماع! انه يتحاشى طرحها في بداية الاجتماع أو وسطه، ويريد أن يجعلنا بدافع نقص الوقت والاستعجال، أن نوقع دون نقاشات كثيرة. وهكذا مرت أخطر القرارات.طيب.. ألم تعترضوا يا معالي الوزير؟ يقول: كثيرا ما نعترض على ترتيب جدول أعمال الجلسة، لكن لم يستجب لنا احد. مرة قلت للمالكي حين طلب أن نوقع على عقد كبير لإحدى الشركات، إن علينا مناقشة الموضوع ودراسته لان المبلغ المالي طائل، ومن الخطأ أن نناقش الموضوع في الدقائق الخمس الأخيرة. لكن المالكي لم يتردد في السخرية من طلب النقاش الموسع وأجابني بأنه هو الذي ناقش الأمور مع الخبراء واقتنع وأن على الوزراء أن يعملوا بقناعة رئيس الحكومة. يضيف الوزير: قلت للمالكي إذن لماذا تدعونا إلى اجتماعات، يمكنك والحال هذه أن تبعث مدير مكتبك بورقة كي يجمع تواقيعنا ونحن في مكاتبنا!الوزير يذكر أن غياب النظام الداخلي لمجلس الوزراء والذي تطالب به الكتل، سمح للمالكي بأن يدير اجتماعات مجلس الوزراء، كما يشاء هو، ولم يترك لمعترض أن يعترض بسلاسة. وحين نطلب المزيد من النقاش يقول: تريدون تأخير البلاد والعباد!غياب هذا النظام الداخلي حسب الوزير السابق، يؤدي أيضا إلى التباس كبير في الأوامر والتوجيهات التي تصدر عن المالكي. فهناك 5 أو 6 جهات تبعث كتبا رسمية إلى مؤسسات الدولة تحمل تعبير "أمر السيد رئيس الوزراء، أو وجه السيد رئيس الوزراء".. وأحيانا تأتي إلينا 5 توجيهات بعضها ينقض بعضا. وحين نتابع الموضوع نرى أن الفوضى وعدم وجود نظام داخلي ينظم عمل الحكومة، هو السبب. كما أن بعض الجهات تصدر توجيهات باسم المالكي دون علمه، وعندما نناقش الموضوع في اجتماع مجلس الوزراء، يقول المالكي انه لم يأمر بكذا. يقوم باتصالات هاتفية ويستوضح ويكتشف أحيانا، وعلى مرأى ومسمع من الوزراء، أن احد بطانته هو الذي تطوع وكتب: أمر رئيس الوزراء...الوزير يقول أن لديه قائمة طويلة بالأوامر التي صدرت دون علم المالكي ومن الحلقة المقربة منه، وطبقتها مؤسسات الدولة أسابيع او شهورا، حتى اكتشفت الحكومة ذلك. يقول انه في إحدى المرات جرى تحريك قوات عسكرية "بأمر من المالكي" لاعتقال شخص، وحين تفاجأت الحكومة بحصول ضجة، أمر المالكي بالتحقيق، فاتضح أن احد المقربين منه هو الذي تحدث باسم رئيس الحكومة وقام بتحريك القوات.الأمر مستمر منذ 7 أعوام، ولكن ما العمل؟ تترك للمالكي الحكومة وتنسحب فيأتي بغيرك ويستمر الخطأ؟ أم تبقى تراقب أخطاء لا يجري تصحيحها؟ أم تحاول سحب الثقة عنه فيحصل كل ما يحصل الآن؟ هكذا يتحدث الوزير السابق. إنها حيرة عراقية بامتياز، ومعلومات "مهربة" من حقيبة وزير سابق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"طاقم تحكيم عراقي" لقيادة مباراة في دوري أبطال آسيا "النخبة"

عملية إسرائيلية برية "وشيكة" في لبنان

العراق وقطر يؤكدان أهمية تكثيف العمل لوقف العدوان الصهيوني

أزمة "شبكة التنصت" تتوسع.. نواب يتقدمون بشكوى ضد الحكومة!

لشهر تشرين الأول.. العمل تطلق رواتب المتقاعدين من العمال المضمونين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram