حازم مبيضين بعد ايام من إسقاط السوريين لطائرة عسكرية تركية, وصدور تصريحات ناعمة من أنقره, وفجأةً تنمر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فغير لهجته، معلناً أن بلاده على ثقة بأن إدارة الأسد أصبحت تهدد تركيا وأمنها، وهدد بأن أي قوات سورية تقترب من الحدود التركية سيتم التعامل معها كهدف عسكري, ولم يكشف جديداً وهو يؤكد أن بلاده ستدعم الشعب
السوري حتى سقوط نظام بشار الأسد، واصفا إياه بالديكتاتور الدموي, وكان واضحاً استخدام اردوغان لهجةً تصعيديةً لاتتناسب مع موقف حلف الأطلسي الذي دعم تركيا لفظياً ولم يبادر إلى إجراء يتناسب مع علو الصوت التركي.كان واضحاً أن مطالبة أردوغان للأحزاب السياسية التركية بعدم التماس الأعذار لإدارة الأسد التي وصفها بأنها ظالمة ومستبدة, أن هناك انقساماً بين الساسة الاتراك تجاه ما يحدث في بلاد الشام, ورغم اتهامه للرئيس الاسد بمحاولة المراوغة وعدم الوفاء بوعوده في تطبيق خطة عنان، فانه عاد للتاكيد أن تركيا بلد صديق ولكن غضبها شديد, وليست دولة عدوانية مع دول الجوار، مؤكداً تعزيز العلاقات مع باقي دول المنطقة، ونافياً أن يكون لها أي مطامع فيها, وهو أراد البرهنة على ذلك بكشفه أن مروحيات سورية اخترقت الأجواء التركية 5 مرات ولم يقم الاتراك بالرد عليها، في حين وصف موقف المسؤولين السوريين بعد إسقاط الطائرة التركية بالعدواني، وأكد أن تركيا تحتفظ بحقها بالرد وفقاً للقانون الدولي, وقال ماضون في اتصالاتنا مع جهات دولية عدة بشأن ردنا.يطرح التصعيد التركي الذي ابتدأ بشكوى الى مجلس الامن الدولي سؤالاً يتمحور حول على ماذا يعتمد أردوغان بعد موقف الاطلسي " البارد ", وهل يعول على موقف واشنطن المعلن عن تنسيق مع أنقرة على محاسبة سوريا على إسقاطها المقاتلة والتي يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه كان متعمداً, وإذا كانت الادارة الاميركية غلفت موقفها بالغموض فانها اكدت انها ستنصت لحليف طلب التشاور ثم تتحرك بناءً على ذلك, ولكن هل يكفي ذلك لكل التصعيد الصادر عن السلطات التركية, أم أن قوة الجيش التركي وبعض الدعم العربي والخليجي على وجه الخصوص هو ما يدفع لاغتنام الفرصة لزج النظام السوري في مزيد من الارباكات الناجمة عن حالة حرب حقيقية تدور في البلاد كما وصفها الرئيس الاسد.أنقرة لا تسعى إلى إعلان الحرب على أي طرف كان، وهي لن تتخذ إجراءً يخرج عن الشرعية الدولية كما تقول, فإن كان الأمر كذلك فلماذا كل هذا التصعيد, وهل هو مقدمة لإنشاء مناطق عازلة داخل الأراضي السورية, أو فرض حظر على الطيران السوري, تمهيداً لعملية شد أزر كاملة لمناوئي الأسد, تسمح لهم بإنشاء إدارات خارجة عن سيطرة دمشق, وتتيح الفرصة لمزيد من الانشقاقات عن الجيش النظامي, وبما يعني تطويل أمد الأزمة التي يبدو أن لا النظام السوري ولا المعارضة قادر على حسمها, لكن الواضح أن لدى حكام أنقره حساباتهم الداخلية والاقليمية والدولية وهي التي تفرض عليهم هذا الموقف, الذي لن يمر بسهولة فوق جبل قاسيون.
في الحدث:التصعيد التركي إلى أين
نشر في: 19 يوليو, 2012: 06:54 م