ترجمة/ ابتسام عبد اللهليس من المعقول أن تبدأ زيارتك لمتحف ما وتقرأ في مدخله لافتة تقول:" إن هذا المعرض يزيّف الحقيقة".وهذا المتحف - الخاص بستالين وتاريخه - أقيم في مدينة غوري في جورجيا. وهو نموذج للرعاية السوفيتية، ويحاول تبرير الحكم الدموي الأقسى في التاريخ.إن جوزيف فيزاروينو فيج، الذي سيعرف في التاريخ بجوزيف ستالين، ولد في عائلة بسيطة في مدينة غوري، عام 1878، وعلى الرغم من النظام الذي أقامه قد انهار منذ زمن طويل فإن للمدينة علاقة خاصة بابنها حتى اليوم.
والى ما قبل عامين، كان هناك تمثال ضخم للقائد السوفيتي، في الساحة المركزية للمدينة، علما أن العديد من الأماكن الصغيرة قد أزيلت من أماكنها عبر الاتحاد السوفيتي السابق.والمتحف الواسع الذي افتتح من قبل القائد السوفيتي، يشبه مزارا لستالين ، اللافتات التي تتحدث عن الفظائع التي ارتكبها القائد السوفيتي السابق، معلقة إلى جوار مخزن يبيع القمصان والولّاعات والأواني الفخارية التي عليها صورة ستالين.إن حكومة ميخائيل ساكو شفيلي المولية للغرب والتي جاءت للحكم بعد الثورة التي نشبت في عام 2003، قد حاولت مسح وإزالة كل ما يتعلق بالاتحاد السوفيتي السابق من البلد الصغير، الذي أمضى 70 عاماً تابعا لذلك الاتحاد.وخطة هذه الحكومة تجاه متحف ستالين تهدف إلى تحويله متحفا للستالينية، عبر الحصول على مساعدات مالية متفرقة وتجديد المبنى وتحديثه. وتعتمد تلك الخطة الحفاظ عادة المتحف الحالي مع إضافة المعلومات على ما رافق حكم ستالين في أحداث وطبيعة نوع الحكم، بما في ذلك جمع كل ما يتعلق بضحايا تلك المرحلة من القتل أو القحط في أوكرانيا، وما قام به الغولاغ: وهي المنظمة التي كانت تدير معسكرات العمل الشاق التي كانت منتشرة في الاتحاد السوفيتي. إن الأمر لا يقتصر على متحف ستالين هذا، فهناك العديد من المراحل التي تستعرض تلك الحقبة الماضية في بلدان كانت تابعة للاتحاد السوفيتي: إيستونيا، لاتفيا والخ... علما عدم وجود متحف كبير يحكي فظائع الحكم الستاليني، كما هو حاصل في التحف الذي يتحدث عن فظائع الهولاكوست.والعاملون في المتحف غير آبهين بما يحدث من تغييرات. وعندما تتحدث إحدى المرشدات في المتحف والتي ترافق الزوار في جولاتهم، فإنها تقول:"انه على الرغم من الجانب المظلم لمرحلة ستالين، فانه كان رجل دولة كبير، اهتم بمصير البلاد والشعب. وعلى الرغم من ذلك لا بد من القول أن البلاد قد مرت بظروف قاسية ومرحلة مرعبة".إن التقارير الحديثة عن أعداد القتلى في خلال مرحلة حكم ستلين تفيد بأن العدد يتراوح ما بين 4 ملايين وعشرين مليوناً. وفي الوقت الحالي نجد جزءاً صغيراً من المتحف، قد افتتح قبل عامين، مكرسا لتلك الفظائع التي ارتكبها: قتل الملايين وإرسال الملايين إلى معسكرات العمل.ويتناول المتحف تاريخ ستالين وصعوده من شاب وسيم، يسرق البنوك في أوائل حياته إلى الفترة التي أمضاها في المنفى بسيبيريا، والى ثورة 1917، ثم قيادته الاتحاد السوفيتي والعالم الاشتراكي.ويعرض في قاعات المتحف، قناع الموت لستالين، والهدايا التي تلقاها، ومن بينها سجاجيد تحمل صورته، وقطع سيراميك وأيضا اكة اكوّرديون مرصعة بالمجوهرات.وفي خارج المبنى يجد الزائر عربته المسلحة الشخصية، والتي كان يستخدمها للسفر الى يالطا وحضور المؤتمر الذي انعقد هنالك في نهاية الحرب العالمية الثانية ، وأيضا لزيارة البيوت الصيفية المخصصة له في البحر الأسود، في الأعوام التي سبقت وفاته عام 1953.لقد عاش ستالين حياة بسيطة متقشفة: يرتدي ملابس بسيطة ويستخدم قطع أثاث بسيطة.إن النظرة الى ستالين تبدو ثنائية الاتجاه، فهو الذي قاد البلاد إلى الفظائع، إلى احتلال الدول المجاورة. ولكنه أيضا كان له دور كبير في الحرب العالمية الثانية.لقد افتتح المتحف في عام 1937، لكنه كان صغيرا جدا، ثم أعيد بناؤه في عام 1950 وفي الثمانينيات من القرن الماضي في مرحلة البيريستوكيا بدأت أول الإشارات إلى فلاديمير لينين، وبعد ذلك بأعوام ظهر اسم ليو تروتسكي للمرة الأولى، وهو المفكر العسكري الذي أزيل اسمه من الكتب السوفيتية التاريخية. ويقول احد المشرفين على المتحف إن المبنى سيتغير تماما. لا تقبل أي دولة ديمقراطية وحرة مثل هذا المتحف وهو سيتحول إلى آخر عصري يحكي فظائع المرحلة الستالينية. عن: الغارديان
متحف في جورجيا عن ستالين
نشر في: 19 يوليو, 2012: 07:10 م