المدى الثقافيالرجل الجنوبي القابع في دمعة المهجر والمنفى وأفياء نخل طفولته وأساطير شط العرب وأميرات ليل العشار، يطل علينا اليوم بنغم من أشواق جنوبيته الساحرة وإبداعه المبتكر في صناعة الحنين إلى التراب وذاكرة شجر السدر ومواويل قوارب شط العرب والمتقد حنينا مع هواجس السياب ، وأغاني زنوج مراكب سندباد الزمن الجميل ليحوله في  الزمن الصعب إلى لحن عشاري وآهة سومرية وشجن يطوف بنا في خيال العشق والصلاة وتذكر البلاد التي طالما عشقها هو ورفيقة عمره الفنانة المبدعة شوقية.
هكذا كانت كلمات الإعلامي مازن لطيف في تقديم الملحن المغترب حميد البصري في ملتقى الخميس الإبداعي، مرحباً بهذا الملحن التي كانت ألحانه في السبعينيات محط أنظار الجميع لما تمتلكه من عذوبة جنوبية، وقال: حميد البصري الموسيقي والصوت والقلب النابض بدفء القصيدة وبحة الحنين وإشراقات الروح الجنوبية الطيبة، اليوم يجيء إلينا محملا بما تحت معاطف الحنين برد غربته الأوروبية، محملا بعطور العشق والمودة واللقاء إلى الأهل والصحب والندامى .ثم تحدث حميد البصري عن محطات مهمة من حياته منذ بدايات الأولى عندما  تعلم العزف  في المنتديات الرياضية التي كانت تعلم الموسيقى ،وذكر معلميه عبد الحسن تعبان الذي علمه العزف على آلة العود ولويس توماس الذي علمه العزف على القانون، وقال : كانت طريقة التعلم إلقائية أي من دون تعلم قراءة النوطة .وأضاف البصري: أول لحن لي كان عام 1958، وكانت الأغنية عن الراحل عبد الكريم قاسم وقد غنتها الفنانة شوقية على المسرح ولم تسجل.إن المنعطف الأول في حياتي الفنية هو هجرتي إلى بغداد وقد كنت موظفا في الأنواء الجوية، وقد وفدت إلى بغداد لدراسة التنبؤ الجوي، وقد استثمرت الفرصة أن ادخل معهد الفنون الجميلة ،وادرس آلة القانون، وقد تعلمت على يد مدرس تركي، وبعدها على يد الأستاذ سالم حسين، ومن إيثارات سالم حسين، هذا الأستاذ الكبير الذي دائما اذكره لأنه وفر فرصة لي للانتساب للفرقة الوطنية في ذلك الوقت، التي كان يقودها آنذاك المرحوم حسام الجلبي .واسترسل البصري في حديثه: بعد استكمال إيفادي رجعت إلى البصرة، وكانت الفرقة الموسيقية البصرية تقلد الأغاني المسموعة من كل المطربين العرب والعراقيين، وغير مهتمين بالنتاجات الجديدة، وتكونت فكرة أن نكون فرقة جديدة لتقديم نتاجات أعضاء الفرقة حتى وان كانت بسيطة ولكن لا بد من هذه التجربة، وقد تأسست الفرقة باسم الفرقة البصرية، وقدمنا ألحاناً كثيرة لي وطالب غالي ومجيد العلي ولويس توماس ،المهم أن تكون نتاجات جديدة .وقال الفنان حميد البصري: بدأنا نتهيأ إلى اوبريت "بيادر خير" وقد اخترنا أسماء لأول مرة تمثل ،وفعلا تمكنا من جمع عدد كبير من الفنانين، وقدمنا " بيادر خير " في عام 1969، في بغداد والبعض يتذكر ما أثاره الاوبريت من ضجة .وفي بغداد ساهمت بتأسيس فرقة الإنشاد مع الأستاذ روحي الخماش، وأول أغنية سجلتها إلى الإذاعة كانت "على شط العرب تحله اغانينه وعلى البصرة" وقد سجلتها إلى فرقة الإنشاد ، وأول أغنية سجلتها إلى التلفزيون كانت أغنية " ياعشكنه " ولهذه الأغنية قصة طريفة جدا ، حيث منذ أن ظهرت هذه الأغنية، وحتى الآن غير مكتوب عليها تأليف من؟ وألحان من؟ لأنها دخلت مسابقة ورشحت اللجنة لحناً آخر لملحن آخر ، ولما سجلنا الأغنية للتلفزيون لم يعطونا مكافأة الأغنية بحجة أن الأغنية سجلت أول مرة للإذاعة، وبقيتُ ما بين المحطتين ولم احصل على أي شيء حتى الآن وهي من كلمات الشاعر الراحل كاظم الرويعي .