TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: مرسي بين العسكر والدستور

في الحدث: مرسي بين العسكر والدستور

نشر في: 19 يوليو, 2012: 07:23 م

 حازم مبيضينفي حين يتحصن عسكر مصر بالدستور, في قرارهم حل مجلس الشعب المنتخب, بعد إطاحة نظام حسني مبارك, فإن رئيس الجمهورية يسعى لحفز قوى الشارع للوقوف خلف قراره, وبين الجانبين تصر المحكمة الدستورية العليا على قرارها, مؤكدة بعده عن التجاذبات السياسية, أو صراع السلطات بين " العسكري " ورئاسة الجمهورية,
 وفي حين أن هناك إرثاً من التقاليد بين يدي العسكر والدستورية, فإن مرسي يفتقر إلى هذا الإرث, لكونه أتى إلى رأس هرم السلطة, دون المرور بأي من المنعطفات التي تدار السلطة من خلالها, سواء كانت منظورة أو خفية.لا يملك عاقل سبباً لاتهام الدستورية بالانحياز لهذا الطرف أو ذاك, ولا لدخولها معترك ألاعيب السياسيين, ولنا في تاريخها وقراراتها, منذ تم إنشاؤها قبل أكثر من ثلاثين عاماً, ما يؤكد استقلاليتها, واستعدادها للوقوف بوجه أي تعد على الدستور, غير أنه يبدو أن مرسي بلع الطعم الذي قدمه له العسكر, وتوهم أن بإمكانه القفز على قرار المحكمة, وإعادة مجلس الشعب المنحل، فبدأ معركة مع عدوّين مفترضين, هما قيادة الجيش وأعلى سلطة قضائية في الدولة, فاصطدم بجدار حكم دستوري ملزم، متناسياً أن من صلب مهامه كرئيس منتخب السهر على احترام الدستور وسائر القوانين, وليس السير وراء اجتهادات مسؤوليه الحزبيين.rn" العسكري " كان الأذكى, دون أن نقرر إن كان على خطأ أو صواب, لعب ورقته بذكاء فأوصل مرسي إلى الوقوع في مطب وضع غير دستوري, يستحق الشفقة, بينما ظل العسكري مرتاحاً لقراره بتبني قرار حل مجلس الشعب، واستعادته سلطة التشريع، فظهر وكأنه ينفذ حكماً قضائياً، ويلتزم بالدستور ويحافظ عليه في حين بدا مرسي في وضع من يخالف حكم " الدستورية " بشكل دعاها للرد عليه بقسوة وهي تعلن مؤكدةً أن أحكامها وكافة قراراتها نهائية, وغير قابلة للطعن بحكم القانون, وهي ملزمة لجميع سلطات الدولة, بمن فيهم رئيس الجمهورية الذي لايمنحه موقعه الوظيفي صلاحية القفز على قراراتها.تعجل مرسي في محاولته تثبيت سلطاته كرئيس, وهي حق له, لكن صدامه الذي يقدم له تبريرات قانونية, قدمها له مستشارون غير كفوئين, لم ينحصر في محاولة استعادته تلك السلطات من العسكر, وإنما ضم إليهم في الصراع ضده قلعة " الدستورية ", التي ظلت عصية على  كل اختراق, وكان الأولى أن يدرس بعمق مواقع خطواته, دون تأثير الشارع الإسلاموي المتلهف لرؤية أحد أفراده رئيساً كامل الدسم, وهذا من حقه أيضاً, غير أن ظروف اللعبة في مصر مختلفة, ويمتلك العسكر فيها فضل حماية الثورة, والتخلي عن رئيسهم وقائدهم, بل وتقديمه للمحاكمة, وإذا كان البعض يتهمهم بمحاولة الانقلاب الناعم, فان العبرة في النتائج, ولعل من أهمها وصول مرسي إلى موقع رئيس الجمهورية.هي معركة إذن, وجد مرسي نفسه في أتونها, دون أن يمتلك أسلحته كافة, بينما خصمه المفترض مدجج بالقانون والدستور الذي يسمو على الجميع, في دولة تسعى للانتقال من مرحلة الديمقراطية المقنعة, أيام مبارك ومن سبقه, إلى مرحلة الديمقراطية السافرة, والخوف هو أن تؤدي هذه الخطوة غير المحسوبة, إلى ضياع كل جهود ميدان التحرير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram