المدى الثقافي  مرة قال لي أحد الأصدقاء بعد أن قرأ  "بحيرة الصمغ " ما أعجبني فيها هو انك عندما تكتب كأنك  لا تنوي أن تكتب شعراً بل شيئاً ما تريده أنت ..هذا الكلام أعده توضيحا مهما لنوع الكتابة التي أتوخاها، هكذا بدأ الشاعر جمال جاسم أمين حديثه حين كان ضيفا في ملتقى الخميس الإبداعي، في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين.
قدم الجلسة الشاعر عدنان الفضلي قائلا: هذا الشاعر  يتسكع في شتى بقاع الوجع العراقي، حاملا قصيدته المجنونة التي لم يرتض ِ لها أن تكون عاقلة أبداً، فهو من خلال الحرف يلامس خاصرات الوطن علّهُ يزيل عنها اثر الخناجر ، ففي مجازات نصه يقفز الوطن ليعبر ضفة الهم محتفيا بأمل ما زال يراود صدغيه، وفي تجلياته الشعرية ثمة ثلج ونار يحتضنان بعضهما.وأكمل جمال حديثه: إن الشاعر عندما يعيش التجربة بإمعان يتخلى عن الجمال لصالح الحكمة حدّ البؤس، يتخلى عنها لصالح الموت.. هذا الكلام قد يقودني للحديث عن شعرية الموقف، أي أن يصبح النص فرصة للاحتجاج ضد القبح لصالح الجمال طبعاً، وفي هذا المسرى لا تستطيع أن تنقذ نفسك من التشاؤم المنتج، نعم هو تشاؤم ولكنه يدفعك للإدلاء بالمزيد من الشهادات إلى درجة أن تصبح المشكلة التي أنت بصددها متحف شهادات، أجد أن مهمة الشعر شاقة أكثر من غيرها، هناك مشقة يحاول  ترميمها الإعلاميون بمقولات من نوع "إذا أردت أن تصبح شاعرا فكن عراقيا" والشعر ما يزال عراقيا .. هذه المقولات بحاجة إلى فحص ، أو هذا الاحتفاء بالشعر ،الشعر وحده لا الشاعر يقودنا إلى استذكار أسئلة من نوع : أين هو الآن جثمان الجواهري؟ وأين مات البياتي؟ وكيف مات السياب؟ وأين هو الآن بلند الحيدري؟ وسعدي يوسف وزاهر الجيزاني؟ وأضاف الشاعر جمال جاسم أمين في ورقته المشتبكة بعلاقة الشعر بالنقد وقال: علاقتي بالنقد كما قال د. علي  جعفر العلاق "أنا شاعر يكتب النقد وليس ناقداً يكتب الشعر".أما مجلة البديل الثقافي فهي ورشة نقد وسؤال بسيط.. واغلب المشاريع الكبرى بدأت بأسئلة بسيطة من نوع ما العمل؟إذا ما تريد أيها الشاعر من كل هذه الخرابات وأين تضع قدمك في حقل الألغام هذا؟ والواقع الذي يصيبنا بالربو كما يقول أيميل سيوران "تريد أن تكرس المعنى في زحمة اللامعنى" تريد أن تخرج من أكاذيب البلاغة إلى صدق التجربة ومرارتها، فالقصيدة التي اكتبها هي بحث في فهارس الأشياء المرة، ولذا فهي بحاجة إلى قارئ معني بمثل هذا البحث.. قصيدة يغلب عليها بساطة التركيب وحراجة الأسئلة.   ثم قرأ جمال بعضا من قصائد ديوانه الأخير "بحيرة الصمغ" وفي ختام الحفل قدم ألفريد سمعان الأمين العام لاتحاد الأدباء لوح الإبداع للشاعر تثميناً لجهوده الإبداعية.