 عباس الغالبي تعد المنفذ البحري الوحيد الذي يطل العراق من خلاله على العالم تجارياً واقتصادياً، وتزخر بالحقول النفطية العملاقة التي تنتج ما مقداره مليونا برميل يومياً وتمثل أكثر من 85% من الصادرات النفطية ، وتمتلك اكبر بساتين النخيل ، وبحكم موقعها الجغرافي تعد من اكبر وأفضل مناطق الجذب السياحي، هذا فضلاً عن العناصر الاقتصادية الأخرى التي تجعل منها عاصمة العراق الاقتصادية الحقيقية .
تلك هي مدينة البصرة البائسة حالياً المكفهرة والتي توحي لمن يسير في شوارعها بأنها لا تمتلك تلك المواصفات التي تحدثنا عنها، وهي ليست بعاصمة العراق الاقتصادية، بل مدينة متخمة بمن هم بمستوى أو دون خط الفقر، والخدمات بمختلف أنواعها  فيها متدنية الى الحد الذي لا يمكن ان تكون هذه المدينة هي المورد الأساسي للاقتصاد العراقي، ما دعا الكثير من أهليها للمناداة بإعلانها اقليماً ، لان الحكومتين المركزية والمحلية تغردان خارج السرب .وتتحدث الخريطة الاستثمارية فيها عن مشاريع مختلفة تمثل عوامل جذب استثماري ، إلا انها غير مفعلة ونرى ان هنالك قصوراً لافتاً للنظر سواء على مستوى الانجاز أو على المستوى التخطيطي  ، وترى ان ما نفذ من مشاريع في هذه المدينة لا يرقى إلى حجم الحاجة الفعلية أو لا يرقى الى مستوى عاصمة العراق الاقتصادية وفي القطاعات كافة .وحاولت السلطة التشريعية أن تشرع قانوناً لجعل البصرة عاصمة اقتصادية ، إلا انها فشلت في إقرار هذا القانون بسبب المناكفات والخلافات السياسية التي عادة ما تلقي بظلالها على مسارات ومراحل مسودات القوانين ذات الصلة المباشرة بالظروف المعيشية والاقتصادية للفرد العراقي ، وان كان الأمر لا يحتاج إلى قانون بحسب تقديرنا لان المواصفات التي تحدثنا عنها لمدينة البصرة تضعها في هذا المستوى وهذا الثقل الاقتصادي ، بل يحتاج الأمر إلى إجراءات تنفيذية تعضدها تخصيصات مالية كافية ضمن موازنة المحافظات غير المرتبطة بإقليم، ولكن يبدو أن هنالك ضعفا في الإرادة السياسية وعدم رغبة في تبني مثل هكذا مواضيع غاية في الأهمية .ولعله من المتأخر جداً ان نتحدث عن موضوعة البصرة وكونها عاصمة العراق الاقتصادية ، لكن كنا ننتظر أن تبادر الحكومات المتعاقبة أو مجلس النواب بدورتيه السابقة والحالية إلى تبني مثل هكذا قرار لا يمثل أهل البصرة فحسب ، بل يهم العراقيين جميعاً ، ولكن يبدو أن البرلمان ومعه الحكومة منشغلان باهتمامات ليست ذات جدوى .ونؤكد في هذا الاتجاه ايضاً أن الصرة عاصمة اقتصادية هي ليست شعارا أو ادعاء بل هي ضرورة قصوى تتطلب جهودا من قبل الجميع - حكومتين مركزية ومحلية وبرلمانا وقطاعا خاصا -  لان البصرة بوضعها الحالي لا تعد عاصمة اقتصادية بالمرة .