عامر القيسيالحكومة العراقية تعتذر عن استقبال اللاجئين السوريين بسبب الوضع الأمني، وذلك بعد أن سقطت معابر حدودية مع سورية في أيدي مقاتلين معارضين للنظام في سوريا. وقال الناطق باسمها علي الدباغ في تصريح صحفي: بسبب الوضع الأمني نعتذر عن استقبال اللاجئين السوريين، مبيناً أن مناطق العراق الحدودية مع سوريا هي مناطق صحراوية
ولا يمكن توفير المساعدة فيها، موضحاً: لسنا مثل تركيا والأردن، حيث حدودها هي مناطق حدودية ويمكن توفير الخدمات، مضيفاً: نحن ناسف كنا نتمنى أن نساعد شعبنا الشقيق في سورية.من الصعوبة تفسير موقف حكومتنا من الأوضاع المأساوية التي يمر بها الشعب السوري بسبب "المناطق الصحراوية" لأن الشعب السوري وكذلك حكومته من زمن الأسد الأب استقبلوا العراقيين في كل مراحل الأزمات السياسية التي مرّ بها دون أعذار لا تقنع طفلا، باختلاف طبعا أهداف الحكومة السورية التي تعاملت مع أوضاع العراقيين كورقة ضغط سياسي على الحكومة العراقية وعلى المعارضة معا. وفي زمن القمع الصدامي لجأ الآلاف من العراقيين المعارضين والفارين من حروب صدام الى سوريا في كل محافظاتها من القامشلي إلى اللاذقية، مرورا بحلب وحمص، فضلا عن العاصمة دمشق،وفي عز نضال الشعب العراقي ضد سلطة صدام كانت قلوب السوريين مفتوحة للمضطهدين العراقيين، وكان الشعب السوري يبدي تعاطفا معنا ويصغي باهتمام لما كنا نتحدث به عما كان يحدث لشعبنا على يد صدام والبعث، ومن خلال تجربتي في سوريا التي دامت سنوات عديدة كنت أشعر بأن السوريين الأقرب إلينا في محنتنا لأنهم كانوا يعانون مثلنا من المدرسة البعثية في قيادة الدولة وفي التعامل مع الشعب عموما والمعارضة خصوصا التي كانت كحالنا في بلدان المنافي باستثناء من استوعبهم صدام خدمة لأغراضه وأهدافه الخاصة. وكان أصدقاؤنا من السوريين يبوحون لنا بمعاناتهم من نظام البعث ومن ممارساته القمعية التي أدت في النهاية بالبلد إلى ما هو عليه الآن، وهي نفس السياسة البعثية الصدامية التي أدت ببلادنا الى ما نحن عليه الآن.أقطاب الحكومة العراقية الحالية وعلى رأسها السيد المالكي يعرفون هذه الحقائق جيدا وأكثر منها بكثير والواجب الأخلاقي والسياسي والديني يوجب علينا أن نرد الدين للشعب السوري الشجاع دون حساسيات ومخاوف لا مبرر لها، بل الواجب أن نقف مع الشعب السوري في محنته لا أن تقف حكومتنا مواقف مخزية من انتفاضة السوريين الشجاعة وتطرح المشاريع التي أكلتها التطورات على الأرض وشربتها وتدين المجازر بلغة تخلو من تحديد الجلاد والضحية معا!إن المصلحة الوطنية العراقية تتطلب من الحكومة العراقية أن تبتعد عن النفس لطائفي في التعامل مع الأحداث السورية وأن يقرأ السادة في الحكومة حركة التأريخ الماضية في المنطقة قراءة منطقية وواقعية، لأن ثورة الشعب السوري لن تعود إلى الوراء ومصلحتنا الوطنية، بحكم التأريخ والجغرافيا والتداخل الاجتماعي، هي نصرة الشعب السوري وعلى أقل تقدير، وهو ما تقوم به منظمات دولية، في المواقف الإنسانية واستقبال اللاجئين من جحيم الأسد الابن الذي يسير على خطى أبيه في امطار السماء جحيما على النساء والأطفال والشيوخ..على حكومتنا أن تنفض ذاكرتها جيدا لتحضر أمامها صور العراقيين أيام شدّة أزماتهم وليس آخرها أحداث أعوام (2005 - 2007) عندما لم يضق الشعب السوري ذرعا بمئات الآلاف من العراقيين الفارين من جحيم التطاحن في الشوارع فيما كانت حكومة الأسد تبتز المنظمات الدولية لتحصل على ملايين الدولارات باسم اللاجئين العراقيين!!هذه حقائق لا تحتاج إلى التذكير بها سوى لحكومتنا الرشيدة التي تمنعها، للأسف الشديد، رمال الصحراء من إعانة أطفال ونساء الشعب السوري الشقيق والجار والذي يطلبنا دينا ثقيلا لا تريد الحكومة أن تسدده!!
كتابة على الحيطان: لا تأسفوا كثيراً.. افتحوا قلوبكم للسوريين!
نشر في: 21 يوليو, 2012: 08:15 م