TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: اسطوانة علي الدباغ "المشروخة"

العمود الثامن: اسطوانة علي الدباغ "المشروخة"

نشر في: 21 يوليو, 2012: 09:39 م

 علي حسينقبل يومين وتحديداً يوم الجمعة الماضي سقطت الحكومة ومعها برلماننا العتيد في امتحان التاريخ والجغرافية والانساب.. هذا اليوم سيظل محفورا في ذاكرة العراقيين كنقطة سوداء في تاريخ كفاح شعبنا ضد الطغيان والدكتاتورية والاستبداد، ففيه خرج علينا الناطق والخبير الإعلامي علي الدباغ ليعلن أنه و"بسبب الوضع الأمني نعتذر عن استقبال اللاجئين السوريين"، 
 ولم ينس أن يذكر أن الحكومة ومعها خبراءها الأمنيين والسياسيين لا يعرفون من هم الذين يثورون ضد النظام السوري .لقد عشنا جميعا أشهرا طويلة مع العرض الذي قدمه السياسيون ومعهم الحكومة لمناصرة شعب البحرين، وشاهدنا كيف ترقرقت الدموع في عيون نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، وكيف شمر البعض عن سواعده وقرر أن يبحر في سفينة تنقذ البحرانيين من بطش حكومتهم، وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فأنني متضامن مع جميع الشعوب العربية في الدفاع عن حقها بالحرية والمساواة وبناء دولة الدستور لا دولة الفرد الواحد، ولكن أليس من حق أشقائنا في سوريا أن يخصص نوابنا جزءاً من وقتهم لمعرفة من المسؤول عن هذه الجرائم التي ترتكب بحقهم كل يوم، بدل من أن نجد  انفسنا امام مسؤولين وسياسيين "يطنطنون" بخطورة بالوضع الامني.. مرددين أكاذيب رخيصة عن المؤامرة التي تتعرض لها سوريا من الجماعات الإرهابية وغير ذلك من منتجات ماكينة الخداع التي لا تعرف الخجل، ولا تأخذها رحمة بالشعب الذي يذبح كل يوم في سبيل استمرار نظام استبدادي، كلما زاد توحش آلة القتل الأسدي ضد الشعب السوري، كلما سمعت كثيرين من منظري السياسة العراقية يقولون بثقة: لماذا يسقط نظام بشار؟ وكلنا يتذكر ثلاثية المالكي الشهيرة "لم يسقط ولن يسقط ولماذا يسقط؟، وظل وجهاء ائتلاف دولة القانون يحذروننا من الفوضى التي ستصيب المنطقة لو ان الشعب السوري استطاع تغيير النظام وتنفيذ مخططاتهم في إلغاء دولة الحزب الواحد.لعل اخطر ما في قرار الحكومة العراقية الاخير انه يعطي انطباعا لأشقائنا في سوريا ان هذه الخطوات والتنظيرات هي آراء العراقيين جميعا الذين عانوا من عقود من التسلط والدكتاتورية، من المؤكد لو أن العراقيين كان لهم الخيار لكانوا أول الشعوب التي تقف مع الأشقاء السوريين فالنضال الحق أن تكون مع الناس لا مع المستبدين، إذن لا يمكن أن تكون غالبية الشعب على خطأ، والحكومة و"دباغها" على صواب.ما استغربه هو أن السيد الدباغ يريدنا أن نصدق أن هناك مؤامرة يقودها الشعب السوري ضد حكامه وان هذه المؤامرة لو نجحت –لا سمح الله– فإن العراقيين سيكونون أول المتضررين، بل ذهب الخيال بالبعض أن أوهم نفسه بأن المعارضة السورية سيعمل على قصف المراقد الدينية في العراق، وهي أسطوانة مخجلة لا تزال العديد من المحطات الفضائية ترددها ليل نهار. ثم هناك هذا الكلام المكرر القائم على فكرة محورية مفادها أن الحكومة العراقية ومعها مستشاريها "الفطاحل" يخشون من حمامات دم وحرب أهلية في سوريا، فيما الحقائق تتكشف يوما بعد يوم، مؤكدةً أن النظام السوري هو الذي يسعى لإشعال حرب أهلية بعد أن قتل بدم بارد اكثر من 15 ألف مواطن في عام واحد.وفي ظل هذه البشاعة كان واجبا وإنسانيا على الحكومة ومعها مجلس النواب أن يمتلكوا زمام المبادرة، ولا ينظرون بحياد مخادع إلى المأساة السورية، ويبدؤون من تلقاء أنفسهم في، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لثورة الشعب الشقيق حتى ينتصر على جزاريه وجلاديه.. وان يخرج الدباغ للعالم اجمع قائلاً: أن العراق سيوفر كلّ ما يلزم لاستقبال اللاجئين وعدم إغلاق الحدود بوجههم. بغض النظر عن منحدرات اللاجئين العرقية أو الطائفية أو الدينية.  وكنت أتمنى أن يتعامل المالكي مع الملف السوري سياسيا بطريقة مسؤولة ومستقلة عن دوافع ونوازع بعض الجهات، وبشكل يأخذ بنظر الاعتبار عمق العلاقة التاريخية بين الشعبين الشقيقين إذ لطالما استقبل السوريون أشقاءهم العراقيين منذ السبعينيات وآووهم وفتحوا لهم بيوتهم وقاسموهم كسرة الخبز حين طاردهم النظام الدكتاتوري السابق والإرهابيون في السنوات الأخيرة، فلم يجدوا صدرا أرحب من بلاد الشام وأشقاءً أكرم من أبناء سوريا البطلة.من أجل كل ذلك، رجاء حار إلى الناطق الحكومي: أوقف هذه الاسطوانة المشروخة، وكفى خداعا للناس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram