TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كتابة على الحيطان: رؤية نائب.. عين بصيرة ويد قصيرة!!

كتابة على الحيطان: رؤية نائب.. عين بصيرة ويد قصيرة!!

نشر في: 22 يوليو, 2012: 06:03 م

 عامر القيسيأكثر ما يثير الإزعاج من على شاشات الفضائيات هو التصريحات الكوميدية للكثير من نوابنا الكرام في ما يخص الأزمة السياسية أو المشكلات المختلفة التي يعانيها المجتمع العراقي، والسادة النواب يتحدثون كما لو أنهم في وادٍِ والمجتمع العراقي في وادٍ آخر، لأن أكثر ما يتحدثون به موضع سخرية من المواطن وفي أحيان كثيرة موضع غضب،
ولا أدري إن كان هؤلاء النواب يسخرون حقا من الوعي الشعبي والتماعاته والتقاطه السريع للحقائق والأكاذيب معا، ولأننا لا نقصد نائباً بعينه فإن هذا التشخيص هو ظاهرة من ظواهر الاستجلاء التي يتمتع بها نوابنا حفظهم الله للوطن والشعب ذخرا أبدياً! من على إحدى الفضائيات أطلّ علينا أحد النواب في ندوة مخصصة لمناقشة رواتب المتقاعدين البائسة مع رئيس جمعية المتقاعدين، السيد النائب أوصلنا في نهاية الحلقة، بعد حوار يقطع الأنفاس، إن النواب يعانون مرضا اسمه "العين بصيرة واليد قصيرة" في إشارة إلى أنهم "يحسّون" بمعاناة المتقاعدين لكنهم لا يستطيعون فعل شيء لهذه الشريحة، شارحا معاناتهم الكبيرة في اخفاقهم بتحسين رواتب هذه الفئة الفقيرة التي يزيد تعدادها على مليون وربع المليون عراقي ولو أضفنا أثنين فقط من المستفيدين لهذا الرقم لاتضح لنا أن الفئة التي ينبغي إنصافها هي، ثلاثة ملايين وسبعمئة وخمسون ألف عراقي بمن فيهم الأطفال والأرامل والمعاقون.إذن، هكذا يقول المنطق، إن لدينا مجلسا للنواب لا يستطيع أن يحلّ مأزقا حقيقيا لهذا العدد المليوني من العراقيين المحتاجين فعلا ليس إلى التفاتة إنسانية من المجلس الموقر وإنما إلى نواب حقيقيين يدافعون عن مصالحهم وينتزعون حقوقهم انتزاعا من الميزانية أو من أي مصدر آخر لخزينة الدولة. وللعلم فقط وهذه معلومة جديدة قالها رئيس الجمعية في أثناء اللقاء إن المنحة المسخرة التي منحت للمتقاعدين يدفع نصفها صندوق التقاعد، ما يعني أن المنحة المخجلة يدفع نصفها المتقاعدون!يقول النائب لمحدثه "العين بصيرة واليد قصيرة"!! ميزانية تتجاوز المليار دولار ويقول السيد النائب عن حقوق نحو أربعة ملايين عراقي محتاج بان اليد قصيرة، هي لقطة تشبه إلى حد كبير مشهدا مسرحيا من إن الخال يتمنى لأبناء أخته أطايب الأكلات والفواكه لكنه في النهاية يأتي إلى البيت ليقول لأخته "خليهم ياكلون بسلامة خالهم"!! هو مشهد مشابه تماما بكل القياسات والمعايير المحلية والدولية، وهو مشهد من نوع الكوميديا السوداء للـ15 ألف دينار التي تمنحها الرعاية الاجتماعية للطفل شهريا، وسبق أن كتبنا عنها.ماذا يفعل النواب بحق السماء إذا كانوا عاجزين عن إنصاف هذه الملايين من المتقاعدين والمستفيدين من رواتبهم.. وعاجزين عن "التخفيف" من أزمة البطالة.. وحل مشاكل المدارس الطينية في أكثر من محافظة.. ولا يستطيعون أن يحسنوا رواتب ملايين الموظفين.. ولا ولا ولا والقائمة السوداء طويلة وعريضة ومحزنة حقاً. أحد الخبثاء قال لي لا تنفعل كثيرا فان مجمع السكن للنواب الذي أقره البرلمان سيحل كل هذه المشاكل التي تتحدث عنها، ففي لحظة الموافقة والإقرار كان المرض الذي أصابهم معكوسا وهو "العين بصيرة واليد طويلة"!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram