TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر: أبعد من إسقاط المالكي

عالم آخر: أبعد من إسقاط المالكي

نشر في: 22 يوليو, 2012: 06:04 م

 سرمد الطائيقلنا دوما انه ليس على معارضي المالكي أن يشعروا بالهلع واليأس إذا تعثر مشروع تنحيته وسحب الثقة عنه. فهذا أمر معقول داخل ديمقراطيتنا الفتية والمحاطة بألف تابو وممنوع إقليميا ودوليا ومحليا. وهذه الدعوة تستند إلى حقيقة أن المكسب من حراك أربيل والنجف، ابعد من تنحية المالكي، فالمنجز الأساسي يتمثل بنجاح 3 كتل كبيرة لها وزنها، في إنشاء جماعة ضغط تبدأ أخيرا في محاولة كبح جماح الاستبداد والتفرد لدى رئيس الحكومة، وتنجح في إعادة الاعتبار لدور البرلمان الرقابي والتشريعي في آن واحد.
الأهم من إسقاط المالكي هو نجاحكم أيها المعترضون على سياساته، في تكوين جماعة ضغط حقيقية وكبيرة داخل البرلمان تعيد تعريف أولويات التعددية السياسية والمسار الديمقراطي، لحماية المكاسب في هذا الإطار. إننا نقبل منكم أن تتلكؤوا في تنحية المالكي، ونقبل منكم تنازلات عديدة في هذا الإطار، فالسياسية لا قلب لها كما يقول التيار الصدري، والسياسة لا عقل لها كما نرى ليل نهار في بلادنا. لكننا لن نقبل من اي منكم، التنازل عن إبراز الدور الرقابي والتشريعي للبرلمان.لقد كان هذا الدور مهددا منذ عهد الشيخ خالد العطية حليف المالكي الذي شغل منصب الرئيس الحقيقي للبرلمان في الدورة السابقة. وقد عملت كتلة رئيس الحكومة على أن يتضاءل ويتحجم دور مجلس النواب لصالح رئيس الحكومة. ولذلك فإن معارضي سياسات المالكي احتفلوا يوم خرج أنصار الحكومة من رئاسة للبرلمان، وصارت بيد القائمة العراقية والتيار الصدري والتحالف الكردستاني.. أي ان رئاسة البرلمان أصبحت بيد معارضي المالكي مرة واحدة، ما مثل المرحلة الأولى في "كبح جماح" التفرد داخل قضايا وملفات عديدة.أما تكتل أربيل والنجف فقد جاء كمرحلة ثانية ليطلق مراجعة بين زعماء الكتل لمسار العملية السياسية، ويقدم الغطاء المطلوب لرئاسة البرلمان كي تدخل فصلا جديدا من الممارسة الرقابية، التي تتضمن مواجهة مع كل مستويات النفوذ التي يتمتع بها رئيس الحكومة، داخل سلطة القضاء، وداخل المؤسسة الأمنية، وبالتحالف مع أهم السفارات في بغداد، وممثليها من كارتلات النفط العاملة على أرضنا.في ديمقراطيتنا الفتية المحاطة بتوازن إقليمي ودولي رهيب لا مفر منه، أمامنا وظيفتان. الأولى أن نلتزم بما تجترحه الديمقراطيات العريقة من قواعد لتداول السلطة سلميا، والثانية أن نبتدع أساليب تلائم مرحلتنا الانتقالية التي تثبت اختلافنا عن أي ديمقراطية في العالم، ولا شك أننا لا نزال في مرحلة انتقالية، خاضعين للبند السابع، وعالقين في أكثر من ملف محلي ودولي يمنعنا من التمتع بوضع طبيعي كامل. وهذا الطابع الانتقالي يبرر للجميع أن يبتكروا أساليب مختلفة للحد من نوازع السلطة وشهوتها وزهوها.الدور المطلوب مع فريق من طراز ذلك الذي يرأسه السيد نوري المالكي، تمثل بأعلى مستويات التفعيل للحراك المدني المتمسك بالمفاهيم الحديثة في الحرية وبناء الدولة وفق مقاسات السياسة المعاصرة.والأمل معقود على البرلمان كي يمثل رغبة النخبة والجمهور في التمسك بحرية الوصول الى المعلومة وحرية التعبير، وان يكون حارسا لكل ألوان الحرية التي يستنكف منها السيد المالكي ويجد فيها تهديدا لسلطانه.ولا يزعم احد أن خصوم المالكي أكثر ليبرالية منه في كثير من المستويات، لكن خصومه سبقوه في الإيمان بمبدأ التعدد السياسي، كخيار ينتج خارطة تعايش بين المختلفين. فوسط هذه اللعبة يشعر الجميع بأن الخيار الليبرالي هو المنقذ أمام سيناريوهات الاستبداد وأمام سيناريوهات الاحتراب والانقسام الدموي.قد تفشلون في الإطاحة بالمالكي، لكننا نطلب منكم نسيان المالكي من أساسه، والتفكير بوضع آلية عامة تشمل كل رئيس حكومة، ووظيفة ذلك أن ينجح عملية كبح جماح السلطان، وإشعاره بأنه ليس وحيدا في هذا الوطن، وان عليه التقيد بالتزامات عديدة بتعدد الاتجاهات الاجتماعية والفكرية داخل البرلمان المنتخب وفي أوساط القوى الاجتماعية.قضيتنا الأساسية ليست أن يبقى المالكي او يتغير، لكن رهاننا من اجل عراق حديث، هو سلطة تشريعية تراقب الحكومة أيا كانت. وسلطة تشريعية تكرس مبدأ الفصل بين السلطات أيا كان رؤساؤها. وسلطة تشريعية قادرة على إخراج العراق من حقب الانقلابات، إلى مرحلة الانخراط السلس في ركب الحداثة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram