TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > شناشيل: مرسي .. رئيس إسلامي بامتياز

شناشيل: مرسي .. رئيس إسلامي بامتياز

نشر في: 22 يوليو, 2012: 06:05 م

 عدنان حسينكعادتنا يُبهرنا الكلام المنمق ويستحوذ علينا الخطاب الصاخب وتنطلي علينا الأكاذيب التي يُطلقها سياسيون ورجال دين تحت ستار كثيف من التنميق والصخب ... حدث هذا قبل ستين سنة، وقبل خمسين، وثلاثين، وعشرين .. ومنذ أيام أيضاً.
قبل أقل من ثلاثة أسابيع رجّح أقل من مليون من 26 مليون ناخب مصري كفة الاخواني محمد مرسي ليكون أول رئيس لمصر في عهدها الجديد. وحال ظهور النتائج أعلن مرسي تخليه عن عضويته في حزب الإخوان المسلمين وتعهد بأن يكون رئيساً لمصر كلها وللمصريين بأجمعهم، ألقى خطاباً منمقاً صاخباً مشحوناً بالوعود الخلابة والتعهدات الرصينة، وقد صدّق به الكثير ممن استمعوا الى الخطاب.لكن الأمر لم يستغرق أكثر من تلك الأسابيع الثلاثة لتتهاوى في أول اختبار عملي وعود الرئيس مرسي وتعهداته، فقراره إلغاء حكم المحكمة الدستورية بحلّ مجلس الشعب الذي تبيّن ان انتخابه كان مطعوناً في شرعيته، مثّل تجاوزاً على  القضاء والدستور في آن، كما بينت المحكمة الدستورية وأساطين القضاء والقانون الدستوري المصريون الذين أدلوا بآرائهم علناً عبر وسائل الاعلام المصرية والعربية.لا غرابة البتة، فالرئيس مرسي إخواني الى النخاع وإن أعلن انسحابه من الحزب، وكل تصرفاته عكست الأجندة الاخوانية غير الخفية. والقضاء عند الإخوان، كما سائر أحزاب الإسلام السياسي، الشريعة، والدستور القرآن. وهذا لا يختلف عليه السياسيون والفقهاء الإسلاميون، سنة كانوا أم شيعة، وإن رفعوا نبرة أصواتهم بالديمقراطية والتعددية. والمحكمة الدستورية وسائر المحاكم القائمة في مصر لا تمثل الشرعية في نظر الرئيس مرسي وحزبه. لذا فهم يسعون الآن الى إعادة ترتيب أوضاعها بحجة انها تضم "فلول" النظام السابق. أكبر تجربة لحكم الإسلام السياسي في العصر الراهن هي ايران. وفي هذه البلاد حتى الدستور المكتوب بالمواصفات المذهبية الصرف ديس عليه مراراً وتكراراً بنعال المرشد الأعلى صاحب السلطة المطلقة برغم عدم انتخابه.. وفي ايران زُورت نتائج الانتخابات البرلمانية والرئاسية غير مرة، وكان آخرها تلك التي فجّرت ربيعاً ايرانياً قُضي عليه بوحشية بالغة وسافرة نادرة الحدوث.ولماذا نذهب بعيداً.. هنا في العراق الذي تولّى السلطة فيه الإسلاميون، الشيعة والسنة، تُنتهك يومياً مواد الدستور الذي كتبوه بانفسهم، ويجري التجاوز على تعاليم الدين على مدار الساعة. فالانتخابات يجري تزويرها، والوظائف العليا في الدولة وكثير من المتوسطة والدنيا أيضاً تُمنح الى من لا يستحقها، بل الى مزوري وثائق وشهادات يسعى أمراء الأحزاب الاسلامية بالذات الآن الى شرعنة العفو عنهم. المال العام، وبعض الخاص أيضاً، يجري نهبه علناً من دون خشية من دين لا تطبق تعاليمه الا على الفقراء، ومن دون خوف من دولة تكفلت بتوفير أقوى الحماية للفاسدين والمفسدين.محمد مرسي ابن حزبه الإسلامي مثلما الحكام في طهران أبناء حزبهم الإسلامي، ومثلما القيمون على السلطة في العراق أبناء أحزابهم الاسلامية، والأحزاب الاسلامية كلها ضد الدولة المدنية التي تفصل ما بين الدين والدولة وبين سلطات الدولة، والرئيس مرسي يتصرف في هذا الإطار في الواقع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram