TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : السنتمترات الثلاث التي أفرحتني

سلاما ياعراق : السنتمترات الثلاث التي أفرحتني

نشر في: 22 يوليو, 2012: 06:15 م

 هاشم العقابيبعد أن منّ علي هذا الزمن البخيل، بفرحة طارئة شعرت حقا بأني بحاجة لمن يشاركني الفرح. فرحتي ببساطة سببها أن حفيدي آدم، من ابني أمجد، حقق رقما قياسيا بريطانيا جديدا في القفز العالي لمن هم في عمره (10 سنوات). قفز آدم 1.35 مترا فجعل جده يقفز فرحا رغم ضعف ركبتيه.
كم هو سهل أن تزرع الفرحة في قلب غيرك وكم تحتاج من الجهد البغيض لتحزنه. فحفيدي لم يحتج إلى غير 3 سنتمترات يضيفها لرقمه السابق كي يجعل جده يطير فرحا. وبعد أن نُشر خبر فوز آدم في موقع جريدة "القدس العربي" اللندنية نشرت الرابط في صفحتي على الفيسبوك. سبقته بعبارة تقول : "لمن يود أن يشاركني الفرحة أهديه هذا الخبر". أعترف بأني فوجئت بتلقف الخبر من القراء بفرح حقيقي وكأن آدم ابنهم جميعا. ملأت الردود جدار الفيسبوك إضافة لكم هائلا من التهاني على خانة الرسائل الخاصة وإيميلي الشخصي. أكثر أسباب الفرح أتت، كما يبدو لي، لان آدم يريد أن يسجل الرقم باسم العراق رغم انه لم يولد به. وآخرون يبدو أن العطش  للفرح مهما كان مصدره قد أنهكهم فطابت نفوسهم وفاحت روائح المحبة من كلماتهم. وما أحلى العراقيين حين يفرحون. اتصلت بآدم وقرأت عليه تمنيات وتهاني العراقيين فرد علي: أعرف أنهم يفرحون ولهذا حين سئلت عن سبب رغبتي في تسجيل رقمي القياسي بجنسية والدي الأصلية، أجبت: أريد أن يعرف العراقيون .. أني أحبهم. وهم يحبونك أيضا. يس آي نو ذات!بعض القراء استفسر باستغراب عن سبب عدم  حمل حفيدي لقب العقابي مثل جده وجاء اسمه الثالث "محسن". الحقيقة أن هذه سببها صدام حسين! فصدام كأي، دكتاتور، أصدر قرارا، ومن دون أي تفسير، بمنع استخدام الألقاب منعا باتا ومهما كان شكلها ثم عاد وألغاه بدون تفسير أيضا. لم يخلص من هذا القرار حتى من اتخذ العراق لقبا له مثل الشاعر كريم العراقي، الذي أصبح اسمه بفعل القرار "كريم عودة". ومن الطريف أن كريم العراقي، بعد أن استرجع لقبه عندما ألغى صدام قراره، صار لقبه بجواز سفره "السويعدي"، وهذه عندما تترجم للانجليزية تطير منها العين كما تعلمون" فتلفظ "سويدي". وكريم سيصبح، أو ربما أصبح، "سويديا" بعد إقامته بالسويد. شاعر شعبي "يحسد" كريم دائما علق على هذه بقوله: "حتى بهاي كريم هم محظوظ"!وبسبب ذلك الفرمان الصدامي، الذي لحد اللحظة لم أجد له تفسيرا منطقيا لإصداره، رُفع اسم العشيرة من جوازي ولم يبق سوى اسم جدي "محسن"، الذي ورثه ابني عني فمنحه لولده.ورغم الفرحة لم تخل بعض الردود من حسرات عفوية وصادقة. احد القراء ألمح إلى ما يحتمل أن يكون عليه وضع آدم لو عاش بالعراق قائلا: " أطفال العراق في أعلى درجات الحر يقلبون الازبال للبحث عن لقمة العيش. شاهدت هذا بنفسي فأين هو الإسلام من سياسيي العراق الجدد؟ وأين الغيرة والضمير؟". وآخر أقسم أنه كان يبكي حين كتب لي: "ها هو آدم طفل بجهود والده الفردية أفرحك وأفرحنا بمجرد أن ارتفع 3 سنتمترات إضافية. فماذا تقول لرئيس حكومتنا الذي تحت تصرفه ميزانية تزيد على 100 مليون دولار ولم يمنحنا فرحة حقيقية واحدة"؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram