TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل هناك قاسم مشترك بين الثورة الفرنسية وثورة العشرين؟

هل هناك قاسم مشترك بين الثورة الفرنسية وثورة العشرين؟

نشر في: 22 يوليو, 2012: 08:16 م

رضا الشوك  هناك رأي لطائفة من علماء الاجتماع مؤداه : أن الظلم والاضطهاد وحدهما لا يكفيان لقيام الشعوب بالثورات على حكامها وإنما يجب أن تمتلك هذه الشعوب شعوراً بالظلم وحافزاً يدفعها للثورة وهو ما يسمونه بالوعي الثوري . ولو تصفحنا تاريخ شعوب العالم في العصور القديمة والوسطى لاكتشفنا أن هذه الشعوب عاشت شتى أنواع الاضطهاد والظلم والاستعباد دون أن تحرك ساكنا على حكامها إلا في حالات نادرة ( ثورة سبارتاكوس )
،بينما نشهد اندلاع العديد من الثورات في العصر الحديث ، فلا يمر جيل دون أن تنشب ثورة أو سلسلة من الثورات ، والسبب هو أن هذه الشعوب كانت ترضخ للظلم على اعتبار كونه مكتوبا عليهم، فلا مفرّ منه، ولكن مع تقدم الحياة في سنيها المتعاقبة ساهمت في تخفيف نزعة الخنوع وإضعافها لاسيما في بداية العصر الحديث على إثر اختراع الطباعة وانتشار وسائل النشر والتوعية بين الناس فأصبحوا ينظرون من زوايا تختلف عن نظرتهم القديمة  حيث كانوا يعتقدون أن الحاكم يحكم بالحق الإلهي فأصبحوا يعتبرونه خادم الشعب أو مأجوراً له . ويمكننا في هذه الحالة أن نسوق مثالا يخص الثورة الفرنسية التي نشبت عام 1789 حيث تعكس لنا صوراً دامغة على ما ذكرناه أعلاه . لقد ورد في العديد من كتابات المؤرخين : بأن الشعب الفرنسي إبان  الثورة كان أرفه حالا مقارنة مع بقية الشعوب الأوروبية كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وروسيا القيصرية ، وسبب قيامه بالثورة ليس لأنه كان أكثر مظلومية من غيره بل لأنه كان أكثر وعيا ، حيث ظهر في فرنسا قبل نشوب الثورة مفكرون عظام من أمثال " مونتسكيو " و " جان جاك روسو" و"فولتير" و"ديدرو" ، وكان دأبهم إيقاظ الشعب وإعداده إعدادا ثوريا ضد مبدأ الحق الإلهي للملوك ، فساهم ذلك في خلق الوعي الثوري عند الفرنسيين ودفعهم إلى القيام بالثورة التي ساهمت في دعم الثورة الأمريكية بالمال والجنود نكاية بعداوتها لبريطانيا . وقد جاءت أكثر محتويات الدستور الأمريكي مستمدة من أفكار "مونتسكيو ( روح القوانين) . وللتذكير فإن لويس السادس عشر الذي كان يحكم فرنسا عند قيام الثورة الفرنسية ، كان أقل ظلما من أسلافه وأقرب إلى الشعب منهم ، وقد استبشر الناس به عند توليه الحكم على إثر موت جده المتفسخ لويس الخامس عشر في عام 1774 . إلا أن عيب لويس السادس عشر أنه كان لا يملك صفات الحاكم الحازم ، وعندما انتصرت الثورة بعد سقوط الباستيل في 14 تموز 1789 كان في مقدوره أن يقضي عليها وهي في مهدها لكنه لم يوافق على ضرب الثورة بل آثر تأييدها . وفي السادس عشر من تموز جاء بنفسه إلى باريس وحضر صلاة الشكر التي أقامها الثوار في كاتدرائية نوتردام ثم ذهب إلى قصر البلدية حيث قدموا له الشارة المثلثة الألوان( الأحمر والأبيض والأزرق) التي أصبحت شعار الثورة ، فتسلمها وهو يقول :  "يستطيع شعبي أن يعتمد دائما على حبي ...!" هذا درس من الثورة الفرنسية .  أما بالنسبة إلى ثورة العشرين ، فإننا نتساءل لماذا تَحَمّل العراقيون حكم العثمانيين طيلة أربعة قرون وقبله حكم المغول والتتار الاستبدادي دون أن يثوروا عليهم بينما ثاروا على الحكم الانكليزي ، علما بأن الحكمين العثماني والمغولي كانا أكثر ظلما وتفسخا من الحكم الانكليزي . وأكثر ما حصل إبان الحكم العثماني ، تمرد بعض العشائر بشكل محدود دون أن يؤيدها أهل المدن ورجال الدين وغيرهم . فإذا أردنا تحليل الأسباب نجد أن ثورة العشرين تمتاز على الثورات العشائرية السابقة  لها بميزة واضحة وهي اشتراك الشعب العراقي بمختلف فئاته وشرائحه الاجتماعية ، فالكل كانوا يهتفون : " يحيى الوطن" . ومن هذا يمكننا القول إن تشابها كبيرا بين الثورة الفرنسية وثورة العشرين من حيث أثر الوعي الثوري في نشوبها بعد أن اجتمعت فيها عوامل عدة منها:                                           - العامل الديني ، حيث كان من أهم العوامل في نشر الوعي الثوري بين العراقيين وكذلك تعاظم سخط ( الأفندية ) الموظفين لفقدانهم وظائفهم ونفوذهم ، فأخذوا يرتادون المقاهي و الدواوين ناشرين احتجاجاتهم على حكم الإنكليز ، كما إن إغداق الانكليز الوعود بإعطاء حق تقرير المصير وإنهم جاءوا محررين لا فاتحين ، يضاف إلى ذلك الأخبار الواردة من الخارج لاسيما عام 1916 بقيام الثورة العربية في الحجاز بقيادة الشريف حسين ، وفي عام 1917 قيام الثورة البلشفية في روسيا بقيادة لينين ، وفي عام 1919 قامت الحركة التحررية في تركيا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك . كما قامت في نفس العام الثورة في مصر بقيادة سعد زغلول . كل ذلك ساهم في بث الوعي الثوري بهذا القدر أو ذاك بين صفوف الشعب العراقي . وقد قام دعاة البلشفية بزيارات متعددة للعراق كما جاء دعاة من تركيا الكمالية زوار كانوا يحملون معهم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram