TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : عن شهادة القاضي منير حداد

سلاما ياعراق : عن شهادة القاضي منير حداد

نشر في: 26 يوليو, 2012: 04:20 م

 هاشم العقابي قبل أيام وقعت بين يدي مقالة بعنوان "المالكي.. خليفة قاسم في حب الفقراء"، كتبها القاضي منير حداد. ولأن الكاتب قاض، افترضت أني سأقرأ مقالة فيها مقارنة مدعومة بأدلة مهمة وموثقة. سبب افتراضي متأت من قناعتي بان القاضي يهتم أكثر من أي كاتب محترف، ليس في اختيار الجمل، فقط، بل حتى في اختيار الحروف. إنها فرصة لي كي أتعلم من هؤلاء المختصين بالدقة. هكذا تمنيت.
لست هنا بصدد الاعتراض على إعجاب القاضي الشديد بالسيد المالكي، فهذا حق شخصي لا يمكنني الاعتراض عليه، لكني بحثت في متن المقالة عن وجه واحد للتشابه بين عبد الكريم قاسم والمالكي فلم أجد. واني وان كنت في المدرسة الابتدائية أيام حكم الزعيم، إلا أنني لمست انحياز الزعيم للفقراء بوقائع عشتها بنفسي. فانا من أبناء الطبقة الفقيرة التي كان للزعيم الفضل في نقلها إلى الطبقة المتوسطة. فوالدي رجل دين معمم لكنه، رغم اختصاصه بفقه اللغة، لم يكن له عمل نعتاش منه، إلى أن اصدر عبد الكريم قرارا بإدخال رجال الدين بدورات تدريبية خاصة لإعدادهم كمعلمين، بعد إخضاعهم لامتحانات قاسية للتأكد من قدراتهم. كنا نأتي لبغداد لتقضية العطلة الصيفية في بيت عمي الذي يقع بمنطقة الشيخ عمر. كان البيت يقع مباشرة على الشارع الجديد الذي يربط النهضة بمدينة الثورة، التي أسسها الزعيم. كنت أراه في كل ليلة، تقريبا، يذهب للثورة. وحين يعود منها يتوقف عند خلَف بائع "الركي" الذي كان يعرض بضاعته على بعد أمتار من بيتنا. كان  خلف يصفّ طابوقات ليعمل منها دكة يجلس عليها الزعيم الذي يشتري رقية ليتناولها مع رغيف خبز يأتيه به سائقه. لا حمايات ولا رشاشات ولا وجوه مكفهرة تحجب الناس عنه. أقسم أن لقاء صاحب فرن الصمون الاتوماتيكي كان أصعب على أهالي المنطقة من اللقاء بالزعيم. اسأل: هل  السيد القاضي يعرف بهذا ولديه ما يثبت أن المالكي "خليفة" الزعيم، حسب وصفه، يفعل مثله في هذه الأيام؟وبينما كنت أقرأ مقالة القاضي طالعني خبر عاجل على إحدى الفضائيات يقول إن عدد ضحايا التفجيرات الأخيرة بلغ قرابة ثلاثمئة قتيل وجريح، جلهم من الأحياء الفقيرة. وأسأل أيضا: لو كان الزعيم يقبض على الملف الأمني وحده فقط كما يفعل المالكي اليوم، وقد قتل من الفقراء بزمانه مثل هذا العدد الكبير فما الذي كان سيفعله؟ أذكّر القاضي بان البعثيين وغيرهم في زمن الزعيم كانوا يفجرون المؤسسات والمنشآت النفطية ويمارسون الاغتيالات. لكنه لم يحم نفسه بالمنطقة الخضراء ويترك الفقراء يواجهون الإرهاب بصدورهم العارية. الذي حدث هو انه تعرض للاغتيال شخصيا وتلقى رصاصات الإرهاب بصدره قبل الفقراء. وهكذا يكون نصير الفقراء يا سيادة القاضي. أليس كذلك؟ يؤكد القاضي انه تعرف على عبد الكريم عن طريق قريبه العقيد وصفي طاهر المرافق الأقدم للزعيم. من خلال بحث بسيط وجدت أن القاضي منير صبري حداد ولد في الكاظمية ببغداد عام 1964. وان العقيد وصفي قتل في يوم 9/2/1963، أي بعد يوم واحد من انقلاب شباط الأسود، فكيف تعرف القاضي على الزعيم من خلال مرافقه وهو لم يولد بعد؟ لا أريد هنا أن اصدر حكما، بل أسال القاضي: بماذا سيحكم هو علي لو أني أدليت بشهادة كهذه أمامه في المحكمة؟والأغرب من هذا وذاك، هو أن القاضي اعتبر قضية سحب الثقة من المالكي "ارتدادة ضد العراق مثلما كانت ثورة 8 شباط خراب عاثه الحرس القومي"  وان "دعاة سحب الثقة امتداد لبعثية 63 و1968"! أمتأكد أنت يا جناب القاضي أن سحب الثقة مشروع أقره "الحرس القومي" وحزب البعث؟ أم انه حق أقره دستور عراق ما بعد البعث؟ من صدك دخت.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram