اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > الصحفيون يقاومون

الصحفيون يقاومون

نشر في: 26 يوليو, 2012: 04:25 م

فريدة النقاش يتعرض الصحفيون لحملة تشويه ضارية أطلقتها قوى الإسلام السياسي بعد أن وصلت إلى السلطة مستهدفة ترويضهم وبرمجتهم ليتحولوا إلى أبواق لها تماما كما كان هناك البعض منهم - وهم أقلية - أبواقا للحزب الوطني والنظام السابق برئيسه ورجاله ونسائه.
«فتحي شهاب الدين» رئيس لجنة الثقافة والإعلام في مجلس الشورى ذي الأغلبية الإخوانية أن 90% من الصحفيين فاسدون، وقد غضب الصحفيون وعبروا عن سخط عميق على التمثيلية الهزلية التي جرت في مجلس الشورى على شكل محكمة تفتيش، وسميت بـ «ضوابط اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية» وطالبت الصحفيين بأن يقدموا أوراقهم وسجلا بسيرتهم المهنية ،وعرف الصحفيون جيدا أن سبب كل هذا هو تطلع الإخوان المسلمين القابضين على الأمور لأن يفرزوا الطيب من الخبيث بالنسبة لهم ويقبلوا أوراق اعتماد كل من يؤكد فروض السمع والطاعة والولاء لهم لتتحول الصحف القومية إلى فروع لجماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ويستكمل الإخوان المسلمون هيمنتهم على مؤسسات صناعة الرأي التي وصف المرشد العام لهم كل العاملين فيها بأنهم «سحرة فرعون»، وأطلقت دوائرهم هجومها الضاري على الصحافة والصحفيين.وكما يحدث عادة فقد وجدت هذه الحملة بعض أنصار لها في أوساط الصحفيين الذين اعتادوا الأكل على كل الموائد، ومنافقة كل صاحب سلطة بحثا عن مكاسب شخصية شأنهم شأن كاسري الإضرابات في الحركة العمالية الذين طالما استأجرتهم قوى الظلم والطغيان والاستبداد لخيانة زملائهم ورفاقهم ومواصلة العمل بدلا منهم حتى يفشل إضراب الأغلبية.وقد رفضت غالبية كبيرة من الصحفيين هذه التمثيلية الهزلية ولم تقدم «أوراق اعتمادها» للجنة التي وصفهم رئيسها بأنهم فاسدون، واستمع الدكتور «أحمد فهمي» رئيس مجلس الشورى ما لا يرضيه في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للصحافة الذي يرأسه بحكم منصبه في مجلس الشورى، عبر الصحفيون والكتاب والمفكرون - وكلهم قامات كبيرة كما وصفهم فهمي - عبروا بأقسى الكلمات وأشدها وضوحا عن احتجاجهم على توجه مجلس الشورى لما أسموه «بأخونة» الصحافة القومية وتسييسها على مقاس الجماعة والحزب.وكانت المؤتمرات الأربعة التي عقدتها نقابة الصحفيين في الربع قرن الأخير وفي ظل سطوة نظام «مبارك» وحزبه قد قدمت مشروعات وبرامج وأفكارا لتطوير هذه المؤسسات العملاقة التي جرى نهبها وإفسادها من قبل الكبار المرتبطين بالنظام والمحميين به، بينما دفعت غالبية الصحفيين ثمنا باهظا لرفضها المعلن أو الضمني لإلحاق الصحافة بالحكم، ورأت هذه الغالبية التي وصلت لحد التوافق على الإضراب العام في جمعية عمومية حاشدة في العاشر من يونية/حزيران سنة 1995 احتجاجا على قانون اغتيال حرية الصحافة وحماية الفساد رأت أنه قد آن الأوان لا فحسب لإلغاء القوانين المقيدة لحرية الصحافة وإنما أيضا لكل القوانين المقيدة للحريات باعتبار أن تقييد حريات المواطنين هو تقييد بالضرورة لحرية الصحافة وأن تقييد حرية الصحافة ليس موجها فحسب ضد الصحفيين وإنما هو ضد المواطنين كافة.لم يتوقف نضال الصحفيين من أجل الحريات ومن أجل استقلال الصحافة منذ نشأة الصحافة في مصر في القرن التاسع عشر، وحتى في ظل حكم «جمال عبد الناصر» بعد ثورة يوليو 1952 وبينما كان هذا الحكم يحظى بتأييد شعبي واسع لتوجهاته التحررية الوطنية المعادية للاستعمار كافح صحفيون من أجل حرية الصحافة وحرية العمل السياسي ودفعوا ثمنا باهظا في ظل نظام كانوا يؤيدونه في العموم.وفي سياق نضالهم الآن لكي تصبح الصحافة القومية التي هي نظريا ملك للشعب المصري قومية حقا لا قولا فقط يعرف الصحفيون المصريون أن لهم حلفاء أقوياء تشكلهم الطبقة العاملة وفقراء الفلاحين الذين ينظمون صفوفهم الآن للدفاع عن حقوقهم ومن ضمنها حقهم في صحافة تعبر عنهم بصدق وتدافع عن حقوق كل التيارات والفئات والطبقات الاجتماعية وتعكس مصالحهم وبذلك لا تتحول إلى بوق لنظام أو رئيس أو حزب أو جماعة.وسوف تحتمي حرية الصحافة في هذه الحالة بحيوية الحركة الديمقراطية الناهضة التي تعبر عنها الآن الإضرابات والاحتجاجات المتوالية للعمال واليقظة التي تشهدها بعض النقابات المهنية حتى تلك التي سيطر الإخوان المسلمون على مجالس إدارتها.ويدرك الصحفيون إلى حد كبير حجم التضحيات المطلوبة منهم وليس أدل على ذلك من رفض عدد لا يستهان به من الصحفيين والصحفيات تقديم «الطلبات» إياها للجنة مجلس الشورى، وهم يعرفون معنى ذلك جيدا إذ لن يكون لهم مكان في ركاب الحكم الجديد، وربما تشهد المرحلة القادمة موجة من الهجرة بين الصحفيين كما حدث في مطلع السبعينات حين كان «السادات» يؤسس مشروع الثورة المضادة ضد ثورة 5 يوليو وقامت لجنة النظام في الاتحاد الاشتراكي بفصل عدد كبير من الصحفيين من عملهم فهاجر من هاجر وبقي من بقي.وفي الظروف الجديدة حيث اتسعت قاعدة الصحافة والإعلام بما لا يقاس سوف يبتكر الصحفيون آليات جديدة للمقاومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram