TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > عالم آخر:تظاهرات الديوانية والبصرة

عالم آخر:تظاهرات الديوانية والبصرة

نشر في: 26 يوليو, 2012: 04:39 م

 سرمد الطائي خبراء مراكز الابحاث الامريكية وعبر مجلة فورن بوليسي الشهيرة، وضعوا العراق في المرتبة التاسعة بين ابرز عشر دول فاشلة في العالم. في امريكا الداعم الاساسي لحكومتنا ورئيسها، يعتقد الباحثون وفق المعايير التي وضعوها لفشل الدول، ان العراق لا يزال بين اول عشر دول فاشلة بعد مرور عشر سنوات على تغيير النظام واعتماد الانفتاح السياسي والاقتصادي.
بلدنا الذي يحتل مع اليمن وافغانستان مراتب متقاربة في الفشل على قائمة "توب تين"، نشهد مظاهرات اقل من تلك التي تشهدها ايطاليا الدولة الصناعية المتقدمة، منذ ايام احتجاجا على ترشيد الانفاق. لكن مظاهراتنا المحدودة في حجمها وعددها، تبقى تحمل مغزى اوسع من نظيرتها الايطالية، وهناك قلة من المواطنين ينوبون عنا جميعا في "رجم السلطة" بالحجارة.بين اكثر من 100 عراقي ماتوا بطريقة مؤلمة خلال يوم واحد، سقط فتى بنيران شرطتنا، لا نيران الجماعات المسلحة والانتحاريين. هذا ما حصل في مدينة الديوانية التي شهدت تفجيرا عنيفا هو الثاني خلال فترة وجيزة، ما جعل الاهالي المفجوعين يرجمون مباني الدولة بالحجارة، عبر فعل رمزي كان معناه انهم يرجمون الحكومة التي تفشل في حمايتهم.الفتى الذي سقط بنيران الشرطة كان مع العشرات من المواطنين، يقوم برجم مباني الدولة التي تقتطع من قوته وحقوقه البسيطة، كي تنفق على الجيش والشرطة واجهزة الاستخبارات نحو 14 مليار دولار، لكنها تتعرض لنحو 20 هزيمة في ساعة واحدة، دون ان نفهم اين الخلل المتكرر الذي ينفذ منه "عزيزنا الانتحاري" الذي بعثت له امس رسالة مطولة مليئة باستفهامات اهلنا في الديوانية. هؤلاء ظلوا مثلنا يجهلون الجهات التي تمارس العنف، ولم يكن امامهم سوى مباني الدولة كي يقذفوها بالحجارة.مسؤول امني نافذ كنت اسأله عن السر في فشل كبار القادة في التنبؤ بهذه الهجمات رغم كل ما نخصصه من صلاحيات وامكانيات لقواتنا، فذكر لي انه مصاب بالاحباط لانه يعرف عددا من "كبار القادة" مشغولا عن مهمته الاساسية، بجمع "اتاوات" من مالكي كراجات غير اصولية، واصحاب مطاعم وحانات، يمكن ان تتعرض تجارتهم الى الكساد لو لم يدفعوا الى الجنرال فلان او الفيلدمارشال علان.الاهالي في الديوانية كانوا يرجمون هذه السلطة، ويحتجون بالتأكيد على ارادة سياسية تخفق في تمكين العناصر الكفوءة، وتقوم بتقديم عناصر بلا كفاءة تتحكم بأمننا لانها توالي السلطان وتدين له بالطاعة.اما في البصرة فقد خرج الناس بمظاهرتين بعد منتصف الليل. المدينة عصب اقتصاد العراق ومنها يخرج معظم نفطه المصدر كي يتحول الى مليارات تدخل جيوب ساسة فاشلين وجنرالات مخفقين ومؤسسات متلكئة.البصرة لم تستنشق بعد رائحة النفط الذي يستخرجه العمالقة الكبار منذ عامين، ولم ينعكس ذلك على حياة اهلها. المحافظة تواجه كوارث من كل نوع، فعدا الكهرباء التي انقطعت بشكل تام خلال الايام الثلاثة الماضية وسط واحدة من اسوأ موجات الحر والرطوبة، تعلن ناحية "السيبة" الواقعة بين الفاو وابي الخصيب، ان مياه البحر تعود مجددا الى مجرى شط العرب وتزيد من نسبة الملوحة، وتقتل المزروعات والثروة الحيوانية.البحر الذي اهملناه ولم نبحر فيه بالشكل المطلوب كي نستثمر ساحلنا المحدود، راح هو يبحر فينا ويدخل شط العرب ليهلك الحرث والنسل. لا خبر عن محطات تحلية المياه التي وعد بها السلطان وفريقه منذ 3 اعوام قبيل الانتخابات. ولا خبر ايضا عن المحطات الكهربائية الجديدة التي بالغت الحكومة بالحديث عن قرب تشغيلها لزيادة ساعات التجهيز.الاهالي في البصرة حاولوا ايضا "رجم" السلطة بالحجارة، غير انهم ومثل نظرائهم في الديوانية، تعرضوا الى اطلاق نار واستخدام قوة انتهى بتفريق مظاهرتين في منطقتي الجمهورية والعالية.العشرات الذين احتجوا في الديوانية والبصرة، كانوا ينوبون عنا جميعا، في "رجم" دولة فاشلة. وحين ترى اليمن وافغانستان الى جوار العراق في قائمة الفشل، تفقد كل شهية للتساؤل بشأن النفط العراقي الذي لا تمتلكه افغانستان واليمن، وكيف ان هذه الثروة عجزت عن ابعادنا عن هذين البلدين المنكوبين، ولو ببضع مراتب في قائمة فورن بوليسي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram