عدنان حسين بخلاف من اتصلوا بي أمس وتحدثوا معي في هذا الموضوع، غضبى أو منزعجين أو متأسفين على ما وصلت إليه أحوالنا، فإنني استقبلت الأمر بسرور داخلي ليس تأييداً للعمل الفج المستنكر الذي استفزهم وإنما لأسباب أخرى أعرضها لاحقاً.
الكلام هنا يتعلق بما كشفه لنا الدكتور علي إبراهيم في الغراء "طريق الشعب" أول من أمس بشأن ملصق وُجد مرفوعاً في جامعة بابل، قسم التربية وعلم النفس. وهو ملصق يمكن وصفه باللقيط لأن أحداً لم يجرؤ على نسبته إليه أو تبني المسؤولية عنه. حتى المسؤولون في الجامعة لم يكونوا يعرفون من تكون أُمّ هذا الملصق أو أباه بحسب ما كتبه الدكتور ابراهيم.الملصق مكوّن من قسمين، وفي أعلاه شعار: "حجاب يصون أو تنهش عيون" . في القسم الأيمن من الملصق تحت عبارة "حجاب يصون" صورة لفتاة محجبة وتحتها صورة لقطعة جكليت مغلفة بأناقة وتحت الجكليتة الجزء من الآية 27 في سورة النساء "واللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتوبَ عَليكم".اما في القسم الأيسر من الملصق وتحت عبارة "أو تنهش عيون" صورة لطالبتين سافرتين تقرأان في كتاب (تذاكران دروسهما بجدية) وتحتها صورة لحلوى متناثرة وقد احتشد عليها الذباب، وتحت هذا القسم الجزء الثاني من الآية نفسها والقائل " ويُرِيدُ الذينَ يَتَّبعونَ الشَّهواتِ أَنْ تَميلوا مَيلاً عَظيما".المعنى واضح ، فالطالبة المحجبة جكليتة نظيفة والسافرة حلوى ملوثة... الفكرة بليدة للغاية وتنفيذها الفني رديء، والأب المجهول للملصق أو أمه ، شخصاً كان أم جماعة، غبي ولا شك، عدا عن انه منعدم الذوق الفني.ربما اعتقد هذا الأب، أو الأم، للملصق اللقيط، انه قام بعمل مجيد يكرّم به المحجبة ويحتقر السافرة أو ينتقص منها، متجاوزاً على قدسية النص القرآني باستخدامه إحدى الآيات استخداماً مُبتذلاً. وهذا بالذات ما جعلني لا أغتاظ من الملصق الذي سنجد انه لا يخدم أبداً الفكرة التي سعى لتثبيتها أبوه المجهول أو أمه غير المعروفة.الملصق في الواقع يُكرّم الطالبة السافرة إذ يُظهرها منكبّة على كتابها ودرسها، ويسيء في المقابل الى الطالبة المحجبة التي يعرضها الملصق على انها غير مهتمة بالدرس والتعلم والتثقف."إنما الأعمال بالنيات"، ونية صاحب الملصق اللقيط كانت التجاوز على الحرية الشخصية التي كفلها الدستور والشرائع الدولية الملتزمة بها الدولة العراقية .. وبالإضافة الى هذا فان الصاحب الغبي وسيئ النية لهذا الملصق قد تجاوز على الحرم الجامعي برفعه مُلصقاً وشعارات من دون علم الإدارة الجامعية وإذنها.أود أن أسأل في الختام: لو أن أحداً ما ألصق على جدار جامع أو حسينية أو حتى على جدار مقابل لمدخل جامع أو حسينية، وليس داخل الجامع أو الحسينية، صورة لفتيات سافرات داخل الجامعة أو في ميدان عمل وكتب فوق الصورة "لا إكراه في الدين" مثلاً، ما كان صاحب الملصق اللقيط في جامعة بابل سيقول؟ وما كان إمام الجامع أوالحسينية سيقول؟ وما كانت السلطات الحكومية ستتصرف؟ويقولون لك إنهم يقيمون نظاماً ديمقراطياً ويبنون دولة مدنية!!
شناشيل: الملصق اللقيط في بابل
نشر في: 26 يوليو, 2012: 05:20 م