يوسف علوانكل يوم تثبت لنا الأحداث أن هناك فرقاً شاسعاً بين ما يقوله مسؤولونا وما نشهده على أرض الواقع، ولا نعلم لماذا هذا الإصرار من قبلهم على استغفالنا واعتقادهم أننا نصدّق ما يقولونه لنا؟الشواهد كثيرة على عدم صدقهم، لكنهم مصرّون على رؤيتنا بهذه السذاجة التي تجعلهم يكررون علينا تبريراتهم لكل فصول فشلهم وفي كل المجالات.
أولها في المجال الأمني، الذي أمسوا عاجزين عن معالجة ما يحدث من تفجيرات وأعمال إرهابية في كل محافظات العراق وفي يوم واحد.. ولا نرى لهم من جديد سوى تبريراتهم التي باتت سمجة وغير مقبولة، لجسامة الخسائر المادية والبشرية التي تحصدها هذه الأعمال التي باتت قواهم الأمنية عاجزة عن معالجة الخروقات المتكررة في كل مكان، وحتى الأمكنة التي تعتبر مغلقة أمنياً وتحيط بها مفارزهم ونقاط تفتيشهم و.. و.. ومع كل ذلك ما زالت تحدث الأعمال الإرهابية بالوقت الذين يرغبون فيه ويختاره هؤلاء القتلة الإرهابيون.كذلك لا يغيب عن المواطن معاناته مع الكهرباء التي لم تشهد تحسناً يذكر، مثلما يدعيه مسؤولونا، رغم الوعود التي يطلقها المسؤولون عن هذا الملف بتحسن تجهيز الطاقة بعد كذا شهر أو كذا سنة، والمواطن يتلظى من حرارة هذا الصيف القائظ الذي صادف أيضا مع شهر الصيام وما يحتاج إليه المواطن الصائم من وجود طاقة كهربائية تخفف عنه حرارة الصيف وظمأ الصيام.ورغم المبالغ الطائلة التي صرفت على حل هذه المشكلة غير أنه ليس هناك من تحسن، فقد بقي أمر توفير الطاقة الكهربائية بيد أصحاب المولدات الأهلية، الذين يوفرون أكثر ما توفره الوزارة من طاقة "أصحاب المولدات يوفرون ألفي ميغا واط، بينما وزارة الكهرباء توفر 1500 ميغا واط فقط"، إلا أن ذلك مرتبط بمزاج صاحب المولدة وتفكيره، فهو منقذ الناس من درجات الحرارة لكن بالشكل الذي يعجبه أو يتماشى مع ما يريده أو يبغيه. فالناس راضخون لأصحاب المولدات وطلباتهم وأمزجتهم بعد أن تيقنوا أن وزارة الكهرباء لن تستطيع أن توفر لهم الكهرباء في هذا الصيف ولا حتى بعد عشرة أعوام. فأخبار الفساد في مشاريع الكهرباء كل يوم تتزايد وليست هناك قدرة في مجلس النواب على مساءلة المسؤولين عن هذا النشاط عن سبب فشلهم والأموال التي تصرف على المشاريع التي نسمع عنها فقط ولا نلمس لها أثراً.أما أزمة السكن الخانقة التي يعيشها المواطن، التي كثيراً ما نسمع المسؤولين وتصريحاتهم التي لا تخرج عن التمني والأحلام ولا ترى على ارض الواقع شيئاً يذكر.. رغم مرور أكثر من ستة أعوام ما زالت المشاريع التي تقيمها الدولة لمعالجة هذه الأزمة –إن وجدت- فليست بحجم الأزمة التي تكبر كل سنة لأن قلة التخصيصات المالية التي يتم تخصيصها لمشاريع الإسكان لا تتناسب وحجم المشكلة الكبيرة.وفي تصريح لأحد المسؤولين: إن " مجموع الوحدات السكنية التي قامت ببنائها وزارة الإسكان والإعمار خلال السنوات السبع الماضية لا يتجاوز (14) ألف وحدة سكنية "وتشير تقارير ودراسات أعدتها منظمات غير حكومية، وشركات عالمية، إلى حاجة العراق لـ 20 عاما كي يتجاوز أزمة السكن التي يعانيها، في وقت أكدت وزارة الإسكان فيه أن العراق يحتاج إلى مليونين ونصف المليون وحدة سكنية لتجاوز الأزمة. وهناك إحصائية تشير إلى "أن 60% من أبناء الشعب العراقي لا يمتلكون سكنا ".وبلغ سعر المتر المربع الواحد في بغداد بين مليون و500 ألف دينار إلى 3 ملايين، وهذا يعني أن أي منزل صغير لايتجاوز المئة متر يكون سعره ما يقارب 150 مليوناً إلى 200 مليون وهي أرقام خيالية يصعب على أغلب العوائل شراء وحدة سكنية بهذا السعر.هذه بعض الأزمات التي يمر بها البلد، التي باتت كبيرة وخطرة، ما زال المسؤولون يقفون عاجزين عن حلها سوى بتصريحاتهم التي لا تمتّ للواقع بشيء. ومع علم هؤلاء المسؤولين أن تبريراتهم التي يقدمونها للمواطن لحل تلك الأزمات لا يصدق بها المواطن، لتكرار سماعها في كل مناسبة، إلا أنهم ما زالوا مصرين على استغفال المواطنين من خلال تبريراتهم التي يعلمون –هم- عدم صدقيتها!فلماذا هذا الاستغفال المقصود للمواطن، الذي توقع أن تكون شعارات هؤلاء السياسيين التي رفعوها خلال حملاتهم الانتخابية بتوفير كل حاجات المواطن في حال فوزهم، وبعد فوزهم ووصولهم لسدة الحكم بات المواطن لا يسمع منهم سوى تبريرات.. وتبريرات لا يقتنع بها قائلها.. غير أنهم يستغفلون المواطن العادي ليعيد التصويت لهم في الانتخابات المقبلة على ما أعتقد!!
استغفال المواطن العراقي
نشر في: 29 يوليو, 2012: 06:04 م